تكريم الدكتور إبراهيم السولامي في المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في المغرب
كتب   مدير الموقع  نشر فى : Jun 15, 2023   طباعة   أرسل لصديق  أرسل لصديق 
.

 

 

 

 

أقام المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي في المغرب، بشراكة مع كليةاللغات والآداب والفنون بجامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة، تكريماً لعلم من أعلامالأدب في المغرب الحديث وأستاذ من خيرة الأساتذة الذين تكونت على يدهم أجيالمن الباحثين والمبدعين في الأدب، وهو الأستاذ الدكتور إبراهيم السولامي، صاحبالقصائد الشعرية الرائقة، والأبحاث الأدبية والدراسات النقدية التي أغنت خزانةالأدب الحديث بثرائها وقيمتها الفنية أدبا ونقدا، والتاريخية دراسة وتوثيقا،والأكاديمية بحثا وتحليلا، وذلك يوم الثلاثاء في (24/11/1444هـ، الموافق 13/6/2023م). وقد ترأست الجلسة الافتتاحية الدكتورة بديعة لفضايلي، وشهدت كلمات لكل من السيد عميد كلية اللغات والآداب والفنون، ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية الدكتور حسن الأمراني، ومنسقة الماستر الدكتورة ربيعة بنويس، تلتها استراحة حفل شاي.

 


وترأس الجلسة العلمية الأولى الدكتور محمد احميدة، وشارك فيها كل من الدكتور محمد المتقن من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بوجدة بموضوع: البنية الإيقاعية في ديوان إبراهيم السولامي (حب). والدكتورة أمل بنويس من جامعة الحسن الثاني بالمحمدية بموضوع: تأثير الحركات الثقافية في شعر إبراهيم السولامي، والأستاذة حكيمة صمران من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة بموضوع: ترانيم النضال في دندنة ناقد: قراءة في قصيدة العمالقة للدكتور إبراهيم السولامي. والدكتور حماد يوجيل من المركز التربوي الجهوي بوجدة بموضوع الدكتور إبراهيم السولامي بين الذات والموضوع. والدكتور أحمد زنيبر من جامعة محمد الخامس بالرباط بموضوع الحس النقدي في كتاب " تأملات في الأدب المعاصر. والدكتورة بديعة لفضايلي من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة بموضوع الدكتور إبراهيم السولامي: الرحالة مدبج الرسالة ومحبر المقالة. والأستاذ هشام هلالي من  جامعة ابن طفيل بالقنيطرة بموضوع اقتفاء أثر خطوات في الرمال: قراءة في سيرة حياة الأستاذ إبراهيم السولامي.


وتلت الأوراق المقدمة مناقشات لمضامينها، أثرتها بما قدم المناقشون من آراء ومداخلات.



وترأست الجلسة الثانية الدكتورة أمل بنويس، وتضمنت شهادات كل من الدكتور رضوان بن شقرون رئيس المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي في المغرب، والدكتور محمد علي الرباوي من جامعة محمد الأول بوجدة، والرئيس السبق للمكتب في المغرب، والدكتور أحمد حافظ من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، والدكتورة سناء الغواتي من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، والكاتب محمد سعید سوسان اتحاد كتاب المغرب (فرع القنيطرة)، والكاتب إدريس الصغير من اتحاد كتاب المغرب (فرع القنيطرة).


وختمت الندوة بكلمة المحتفى به الدكتور إبراهيم السولامي، وتقديم درع رابطة الأدب الإسلامي العالمية لسعادته.

 

-------------------

 

شيء غير مألوف

كلمة د.حسن الأمراني رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية،

في ندوة تكريم الدكتور إبراهيم السولامي

القنيطرة: الثلاثاء، 13 يونيو 2023

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله..

شيء غير مألوف عند كثير من الناس أن تقوم الرابطة بتكريم أديب من غير أعضائها، أو من غير ممن ينتمون إلى الأدب الإسلامي. وهذا وهم كبير لا يصدر إلا عمن لا يعرف شيئاً عن الأدب الإسلامي، أو له تصور خاطئ عن الأدب الإسلامي.

ولكنه أمر مألوف عندنا، وذلك لعدة أمور:

1-هو مألوف عندنا، لأننا نصدر في حركاتنا وسكناتنا عن قيمنا الدينية والحضارية. ومن أسمى هذه القيم الوفاء. ومن صور هذا الوفاءِ، الوفاءُ لشيوخنا وأساتذتنا ومعلمينا، وشعارنا القول المأثور: "من علمني حرفا كنت له عبدا".  وأستاذنا الدكتور إبراهيم السولامي من أولى الناس بهذا التكريم، فقد كان أستاذا في كلية الآداب بفاس، في فترة كانت الساحة الجامعية تشهد صراعا إيديولوجيا حادا جنى على كثير من المواهب التي وأدها ذلك الصراع. وقد كان الدكتور السولامي من الأساتذة الذين عرفوا كيف يكسبون ود طلبتهم واحترامهم وإكبارهم، بعنايته بما هو إنساني جامع، بعيدا عن تلك الصراعات التي انتهت إلى أن تكون زوبعة في فنجان.

   ثم إن الأستاذ إبراهيم السولامي خدم طلبته خدمة جلى، بما رباهم عليه من العناية بالذوق الجميل، والأدب الرفيع، من خلال ما كان يختار لهم من نصوص، ولاسيما في الشعر الحديث، ومن خلال المنهج الذي كان يتبعه في تحليل تلك النصوص وتقريبها إليهم.

وبذلك خدم اللغة العربية، وحببها إلى طلابه. وخدمة اللغة العربية هي من أهم مبادئ رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وهذا لا يعني الانتقاص من اللغات الإسلامية الأخرى، كلا.. فنحن معتزون بما ينتج من أدب إسلامي، خارج اللغة العربية، بلغ درجة العالمية في تلك اللغات. ولكننا نعني أن العربية هي لغة الأدب الإسلامي الأولى، لأنها لغة المسلمين الأولى، باعتبارها لغة القرآن الكريم، ولغة الرسول الكريم، وهي أيضا اللغة التي تقف بطبيعتها ومكوناتها النحوية والصرفية، ضد التهجين اللغوي، وضد ما تحاوله اللغات الأخرى من زحزحة العربية عن مكانتها التي تبوأتها عبر العصور.

2-مألوف عندنا أن نكرم الأدب الإنساني الرفيع، لأنه في حقيقته صورة من صور الأدب الإسلامي، ما دام منسجما مع الفطرة، فطرة الله التي فطر الناس عليها. فالذين يتصورون أن الأدب الإسلامي هو الأدب الديني -فقط- مخطئون، إن الأدب الإسلامي متسع باتساع الحياة نفسها، لأن الإسلام نفسه متسع باتساع الحياة. ومن هنا فإن الأدب الإسلامي ليس فقط هو الذي يمجد الدين، وليس هو الذي يقتصر على الابتهالات، والمديح النبوي، بل هو الأدب الذي يلتزم بخدمة قضايا الإنسان، التزاما يسعى إلى تكريم الإنسان، تكريما منسجما مع رسالة الإسلام التي تنتصر للحق والخير والجمال والجلال، وتقف ضد المحاولات التي تسعى إلى تشويه فطرة الإنسان، وسلخه عن آدميته.

   والذي ينظر إلى أدب الأستاذ إبراهيم السولامي بهذا المنظار سيجد أنه أدب الفطرة. وأدعو على سبيل المثال إلى النظر في قصيدته الإنسانية: (باسم الطفولة يا سبو). إنها نموذج للالتزام بقضايا الإنسان، خارج دائرة قيود الالتزام المعهود عند المذاهب الأدبية، من الوجودية حتى الواقعية الاشتراكية. التزام يتحدى تعليمات (زيدانوف)، ويتعالى على سياط (مكارثي) المسمومة.. التزام يغني آمال المستضعفين، ويواسي آلامهم.

    وتتكون القصيدة من خمسة مقاطع من البحر الكامل، ويتغير فيها الروي، لكن المهم هو أن القصيدة في بعدها الإنساني تخالف المألوف عند شعراء تلك الفترة، حيث كان أكثرهم يقف ضد ما يسمى (المتعالي)، ويُقصد بذلك قطع كل علاقة بين الأرض وبين السماء، بين الإنسان وبين الله. أما الأستاذ السولامي فيقول في وضوح كاشف:

باسم الطفولة يا نُهَيْرُ وباسم آيات السماء

قد جئت في جفني الدموع تغلغلت فيها الدماء

     إن ارتباط الشاعر بالفطرة، أي شاعر، لا يمكنه إلا أن يؤدي طريقه إلى الله.

    3- هو مألوف عندنا، لأنه مألوف عندنا تكريم ذوي الخلق النبيل، ممن يمشون على الأرض هوناً، ويتمثلون القول النبوي الشريف: (وخالق الناس بخلق حسن). والذي يخالق الناس بخلق حسن، يأسر القلوب، ويجذب إليه النفوس، وإن المرء ليدرك بحسن خلقه ما لا يدركه الصائم القائم.

لقد كنا طلبة عند الأستاذ إبراهيم السولامي، ونلنا على يده من العلم ما شاء الله تعالى أن ننال. فلما تخرجنا من الجامعة، والتحق كل منا بعمله، وغادر هو فاس إلى حيث شاء الله له، لم تتوقف أيادي الأستاذ السولامي عنا، ولم تنقطع عطاياه، وكان -ويا للعجب- سباقا إلى المحافظة على هذه العلاقة التي صارت علاقة ذات نمط خاص. فقد كنت دائما أخاطبه بصفة (أستاذي)، وكان دائما يرفع الكلفة بيننا ويقول: (نحن أصدقاء). والصداقة من الصدق، وكان أستاذي إبراهيم صادقا في مودته، ويبرهن عليها -وهي ليست بحاجة إلى برهان- بما يهديه إلينا من إصداراته، وكان من بينها كتابه: (شيء غير مألوف)، الذي استعرت عنوانه ليكون عنوانا لهذه الكلمة، التي ليست سوى غرفةٍ من بحره.

   ولتكن خاتمة حديثي إزجاء الشكر لأستاذي الدكتور إبراهيم السولامي على أياديه التي (أعدّ منها ولا أعددها)، كما أتقدم بالشكر الحسن إلى أعضاء (ماستر مكنونات الأدب العربي بالمغرب الحديث والمعاصر: التاريخ والخطاب)، واللجنة المنظمة التي أقامت لنا هذا الاحتفال المشهود، وكانت سببا في أن نبوح ببعض ما كان مكنونا من المحبة لأستاذ كريم، ومرب عظيم، وأخص بالذكر الدكتورة ربيعة بنويس التي كانت تطلعنا على مراحل إعداد هذه الندوة المباركة أولاً بأول، دون أن تتخذ قراراً قبل الاستشارة التي هي ركن من أركان مقومات أمتنا. وشكري لا ينفَد للسيد عميد كلية اللغات والآداب والفنون، الذي دأب على احتضان كل عمل علمي جاد، وكل احتفاء بأعلام شعبنا وأمتنا، فله منا باسم رابطة الأدب الإسلامي العالمية الشكر الجزيل، والثناء الجميل، فإن من لم يشكر الناس لم يشكر الله، والحمد لله أولا وآخرا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  وجدة: في 6 يونيو 2023م.

 

تعليقات القراء
لاتوجد تعليقات على هذا المقال الى اﻷن

علق برجاء التدقيق اللغوي لما يكتب