تقيم جمعية رابطة الأدب الإسلامي ( المكتب الإقليمي) في الأردن حفل إشهار كتاب (صهوة اليراعة) للروائية هيفاء علوان، وذلك يوم السبت 15/10/2022م، الساعة الخامسة مساء، في مقر المكتب في عرجان بالعاصمة الأردنية عمان، ويقدم الحفل د.محمد الخليلي، ويعقب على القراءة الأستاذ عبد الرحمن المبيضين.
--------------------------------
سعدت أمس بمشاهدة هذا الفيديو، الذي حمل إلينا أدبا رفيعا، على "صهوة اليراعة" التي امتطتها الأخت أم أحمد هيفاء علوان، الأديبة البارعة الملتزمة، والفارسة الشجاعة المهذبة، ذات التجربة الطويلة العريضة.
وقد عرضت لنا أديبتنا ألوانا من تجاربها الإنسانية الرائعة، بعبارات شفافة، وصور بلاغية مجنحة، وعواطف صادقة جياشة، وألفاظ مأنوسة تدخل الآذان بإحسان، وموسيقى تشنف بجمال إيقاعها الآذان، ومعان سامية تلامس قلب كل إنسان، وأسلوب سهل رقراق، ينبئ عن شخصية أدبية أصيلة، تأخذ وتعطي، تتأثر وتؤثر؛ ولا غرو، فهي فرع من دوحة عريقة في الأدب والإيمان : دوحة الأديب الإسلامي الملتزم المرحوم الأستاذ محمد الحسناوي، سقى الله قبره شآبيب الرحمة والمغفرة، الذي اختاره ربه لجواره قبل بضع عشرة سنة، تاركا خلفه إرثا أدبيا عظيما، وأسرة لفقده حزينة، لكنها قوية متماسكة، قوامها زوجة كسيرة، لكنها مؤمنة جَلْدة، تحضن فراخا زُغْبا، وأشبالا أُسْدا، رضعوا لبان العز والأدب، في بيت مسلم قابض على الجمر، على هول ماواجَه من رياح هوجاء، وصعاب شعواء، لكن حكمة الأم وحنكتها وصبرها وإيمانها، كل ذلك ساعدها على الصمود والنهوض، واستئناف مسيرة الأب الحسناوي المحسن، في ظل أسرة كبيرة، ودوحة ظليلة، أسرة رابطة الأدب الإسلامي، التي كان الحسناوي أحد أعمدتها السامقة، وما خذلته أسرته بعد رحيله، بل على دربه ساروا، ومن أدبه استقوا، وبحبل الله اعتصموا، وبهدي نبيه اهتدوا، وبأهداب رابطتهم تمسكوا؛ فهُدُوا وأفلحوا، وهاهم من ثمارها اللذيذة قد جنوا، كما سمعنا من الأم ال"هيفاء"، وابنها ال"أحمد" اليافع، رمز البِرّ والوفاء، وابنتها الأديبة الأريبة، البعيدة القريبة، المؤنسة لأمها الحبيبة، ال"مُزْنَة" الهَتّانة العجيبة.
وقد شهد لأديبتنا ال"هيفاء" ثُلّةٌ من الأدباء، بكلام يفيض روعة وبهاء، يجلله الصدق والوفاء، بدءا بفارس الكلمة والقلم في جليل الميادين، الرجل الرجل الأستاذ عبدالرحمن المبيضين، وقد أتحفنا بأدبه الراسخ المتين.
أما خطيب "الخطبا"، ذو القلم السيال، واللسان المرسال، فقد استولى على القلوب قبل الآذان، بحديثه المسترسل، وتحليله المفصِّل، لما في "صهوة اليراعة" من معان وأفكار سامية، وموضوعات شعرية راقية، وسمات فنية فائقة، مركزا على ما في الديوان من تناص، يكشف عن طبع سليم عند الأديبة، واستيعاب قويم للعلوم والمعارف والثقافة التي عبَّت منها، لا سيما تلك الثقافة الإسلامية العربية الأصيلة. وكم كنت أود أن يطول الوقت لسماع هذا الأديب المُكْثِر الثَّرّ، الذي ملأ وقته بكل ما هو مفيد، بطلاقة لسان، وثبات جَنان، وملَكَ الأسماع، بإمتاع وإقناع.
وبدء الكلام، ومسك الختام، والمداخلة والربط بين كلام وكلام، كان لعلَم الأعلام، القارئ الحافظ، والناقد الملاحظ، والشاعر المحافظ، والأكاديمي المتواضع، الدكتور محمد الخليلي، الذي أسمع فأمتع، وحاز فضائل مَن داخل كلامهم أجمع، كاشفا عن ثقافة واسعة، وذائقة للأدب رائعة، وذاكرة للشعر حافظة واعية، فكسا مع زملائه هذا النشاط حُلَّة زاهية، فكانت أمسية جميلة ماتعة.
وقد زان ذلك كلَّه حضورٌ بهيّ، وحشد كريم، يقدّر الأدب والأدباء، ويتذوق الكلمة النظيفة العفيفة، وكان بودّي أن أكون في كنفهم، ولكن مشيئة الله- ونعمت- غلابة. ولئن حُرِمت الحضور المباشر، فلا عَدِمْتُ منكم الصوت والصورة، وإلى غد أفضل بإذن الله تعالى.
شكر الله للجميع ما قدموا، وحفظ جمعيتنا الجامعة، ورابطتنا المانعة، وجزى القائمين عليها، والمنضوين تحت لوائها خير الجزاء، وبارك جهودهم، وأنجح مسعاهم، وأعانهم على تحقيق أهدافهم، بالكلمة الطيبة المؤثرة.
والله ولي التوفيق.
أخوكم
د.جميل محمد بني عطا.
---------------------------------
وقفة مع صهوة اليراعة
للشاعرة هيفاء علوان
الشاعرة هيفاء علوان شاعرة متعددة القدرات والإبداعات ، فهي شاعرة وناقدة وتكتب للأطفال وباحثة وتكتب في المقالة، نشرت في العديد من المجلات في الأردن ولبنان والسعودية والكويت ، حصلت على شهادة الليسانس في اللغة العربية من جامعة دمشق .
أما ديوان صهوة اليراعة الديوان الأول في إبداعها الشعري يقع في مائة وست وتسعين صفحة ويضم خمسين قصيدة على بحور الشعر الخليلي ، والديوان يسير ضمن خط الأدب الإسلامي الملتزم في معناه ومبناه ، وشاعرتنا تنهل من معين القرآن الكريم الذي لا ينضب والسنة النبوية الشريفة ، ونجد أن الشاعرة تعنون عناوين القصائد بعناوين واضحة معبرة لاتحتاج إلى التأويل والتفسير حتى لا يبعد المعنى عن العنوان ، وقد اتسمت جملها الشعرية بجزالة الألفاظ وعمق المعاني ، فهي صاحبة ذائقة شعرية عالية بليغة الألفاظ معبرة عن صدق الضمير ، وحال الواقع الصعب المر ، تكتب ما تحس به من وجع الأمة وخفايا النفس والقلب ، واستنهاض العزائم والهمم، لأنها تؤمن بأن للشعر رسالة وهدف وقوة تحرك العواطف للإرتقاء بالفرد والشعوب .
لقد طرقت الشاعرة هيفاء علوان معظم فنون وأغراض الشعر ، الوجد والرثاء والإخوانيات والوصف واللون الاجتماعي والديني والهجاء والحنين .
ولقد أجادت الشاعرة في معظم هذه الفنون يسعفها موهبة شعرية حقيقية وثقافة تراثية عميقة ووجد شفيف وعاطفة صادقة تنبض من حنايا القلب ، لقد رسمت في شعرها لوحات فنية أخاذة تدعوك للقراءة بعينٍ مبصرة وقلب متفتح عن فلذة الكبد، كنز الحياة، وربيع الدنيا وورد وريحان والسند والعضد ، وعن الزوج الحاضر الغائب هو النبراس واالفرقد والندى وسيد المجلس والعالي والنجم الأعلى يزينه طيب وحسن خلق وعفة .
والأم في وجهها نور طافح ،وطيب الأصل والفضائل تقية نقية عفيفة .
ونظمت عنن مسقط الرأس وملعب الطفولة عن حمص ، أرضها نور وعطرُ ورد وأهلها الغر كرام ونسور ونظمت عن الأهل في العراق هم خمائل وأفاضل وفطاحل وكواكب .
ونظمت في القريض يجلو عن القلب الأحزان والهم والغم وهو الغيث ويبهج القلب ويفيض روعة وجمالاً وسحراً .
أما الشعر الديني الذي يزخر به الديوان فلقد حلقت الشاعرة مما جادت بها قريحتها في الحكمة والمناجاة وحب الرسول ومحاسبة الذات والتأمل في بدائع الكون ومناجاة الخالق عز وجل وزيارة البيت الحرام وذكر المولد الشريف والهجرة النبوية الشريفة وحافظات القرآن الكريم والإسراء والمعراج، وغار حراء ويوم الهدى والعمرة والحنين إلى المدينة المنورة .
إن المفتاح الرئيسي لهذا الديوان هو الحب الرباني ومحبة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ولقد هامت الشاعرة بهذا الحب الرباني الذي يضيء القلوب والكون وهو البلسم الشافي للإنسان وكل ما ارتقت في هذه المقامات العلوية الربانية تجلت قدرات الشاعرة ، والتبتل في الفضائل النورانية في مناجاة الخالق عز وجل ومدح خير الأنام .
إن في قصائدها أنساق تأملية شعرية منسابة تعتمد على المخيلة الشعرية الخصبة والمفتوحة ، ونجد في شعرها أنساق تصويرية مجسدة بعيدا عن( النزوع) أو الصور السريالية أو الرمز المعمى .
إن مخيلتها الشعرية تستند إلى رؤية واضحة المعالم في بنائها الفني وعمق دلالتها الشعورية وتشكيلاتها اللغوية والبلاغية .
لقد جاء شكل هذا الديوان ومعانيه من خلال صدى جراح الذات والاغتراب ومرارة الأيام ومعاناة السنين، وحنين الأمة لعزة الإسلام والمسلمين عندما كنا قادة الأمم ورسل الرسالة السمحة المسوَّرة بألق النبوة وعظمة الإسلام .
وخاتمة القول إن هذا الديوان في أبعاده الفنية ومضامينة الثرية ورؤيته الممتدة يكشف لنا فضاء شعرياً وتلاحماً نصياً ما بين مقدمة القصيدة وخواتيمها بلغة الوضوح لا الإيحاء وتنامي الدلالات التكاملية الجمالية ، وتناغمات لفظية متجانسة ومجسمة من العمق الشعوري والعاطفي والشعور التوصيفي فجاءت بصمتها الشعرية الخاصة بها بالدلالات الموحية الحافلة بالصور البلاغية والمشاعر الدافقة بحرارة ونبض الحركة .
بحس تأملي ، بتلاحم المعاني مع الألفاظ ، وتناغم إيقاعي ((ونسخ)) لغوي بعيداً عن لغة المعاجم ورنين الكلمات المكشوفة والمهجورة .
كما نجد في قراءةٍ متأنيةٍ لهذا الديوان أن هناك تلاحم بين الوحدة الموضوعية والوحدة العضوية والصدق الفني .
إن هذا الديوان القيم سامٍ في مضامينه مدهش في صوره وعميق في أبعاده، مدهش في بنائه الفني تكتب من حدائق الشعر ومنازل الوجد الإلهي.
هذه هي الشاعرة هيفاء علوان كأنها صوفية خاشعة متعبدة في محراب الإيمان والعشق الإلهي .
لها خالص الاحترام والتقدير.
بقلم : د.فوزي الخطبا