من غزل الفقهاء

مختارات من تراث الشعر الإسلامي

العدد 134

 

للفقهاء، أشعار كثيرة، في العلم والوعظ والنصح، وهذا أمر طبيعي، ولكن القليل منا يعرف أن لفقهاء مشهورين أشعاراً رائعة في الغزل العفيف، وقد ذكر ذلك أديب الفقهاء، وفقيه الأدباء الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في مقالة له بعنوان: غزل الفقهاء، أفردته دار المنارة في جدة في كتيب صغير، وقد اخترت من المقال مقطعين:


الأول لعروة بن أذينة الفقيه المحدث شيخ الإمام مالك يقول: 


إن التي زعمت فؤادك ملها


فبك الذي زعمت بها وكلاكما


ويبيت بين جوانحي حبٌّ لها


ولعمرها لو كان حبك فوقها


وإذا وجدت لها وساوس سلوة


بيضاء باكرها النعيم فصاغها


منعت تحيتها فقلت لصاحبي


فدنا فقال، لعلها معذورة

 

خلقت هواك كما خلقت هوى لها


يبدي لصاحبه الصبابة كلها


لو كان تحت فراشها لأقلها


يوماً وقد ضحيت إذن لأظلها


شفع الفؤاد إلى الضمير فسلها


بلباقة فأدقها وأجلها


ما كان أكثرها لنا وأقلها!


من أجل رقبتها، فقلت : لعلها

 

 

هذه الأبيات بلغ من إعجاب الناس بها أن أبا السائب المخزومي لما سمعها حلف أنه لا يأكل بها طعاما إلى الليل!.

 


والمقطع الثاني لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أحد فقهاء المدينة السبعة الذين انتهى إليهم العلم، وكان عمر بن عبد العزيز يقول في خلافته: لمجلس من عبيد الله - لو كان حيا - أحب إلي من الدنيا وما فيها، وتروى له هذه الأبيات:

 


كتمت الهوى حتى أضر بك الكتم


ونمّ عليك الكاشحون وقبلهم


وزادك إغراء بها طول بخلها


فأصبحت كالنهدي إذ مات حسرة


ألا من لنفس لا تموت فينقضي


تجنبت إتيان الحبيب تأثما


فذق هجرها إن كنت تزعم أنه

 

ولامك أقوام ولومهم ظلم


عليك الهوى قد نم لو نفع النم


عليك وأبلى لحم أعظمك الهم


على إثر هند أو كمن سقي السم


شقاها ولا تحيا حياة لها طعم


ألا إن هجران الحبيب هو الإثم


رشاد ألا يا ربما كذب الزعم

 

 

 

تعليقات القراء
لاتوجد تعليقات على هذا المقال الى اﻷن

علق برجاء التدقيق اللغوي لما يكتب