يكفي أنه رمضان!..

المقالات

العدد 134

 

 

 

فرصة ثمينة للتوبة والمغفرة والعتق من النيران.. كل من مات يتمنى لو أتيحت له هذه الفرصة، لو مد الله في عمره فيصوم رمضان آخر، لو صام يوما واحدا منه سيحدث فرقا ويكسبه مزيدا من الأجر وربما زحزحه عن النار وأدخله الجنة.. كل من كانوا معنا رمضان العام الماضي لم يكونوا ليعلموا أنه آخر رمضان في حياتهم، ولو علموا بذلك لضاعفوا من صالح الأعمال فيه، ونحن لابد أن نحمد الله حمدا كثيرا على أن مد في أعمارنا، وبلّغنا هذا الشهر المبارك الذي قد يكون آخر رمضان في حياتنا.


أسهل ما في الصيام الامتناع عن الأكل والشرب ليوم واحد يتكرر ثلاثين يوما.. لعدة ساعات.. وسرعان ما ننسى جوعنا وعطشنا بمجرد الإفطار، لكن أصعب ما فيه أن يتغير الإنسان في رمضان، فيرق قلبه، وتهذب نفسه وتعدل طباعه ويقوّم سلوكه ويسمو بأخلاقه ويعود إلى ربه.. من لم ينتهز فرصة رمضان للعودة إلى ربه فليبك على نفسه، ففي رمضان تكرم ربنا الكريم على عباده بتهيئة كل الظروف لتسهيل العودة إليه فضلا منه ورحمة وحبا لعباده الذين تفرقت بهم السبل وهم يبحثون عن السعادة والراحة والمتعة والرفاهية، وهي كلها في جنب الله، ولا يمكن أن تكون في شيء آخر إلا في جنب الله ورضوانه.. يريد ربنا الرحيم أن ينقذنا ويسعدنا بالعودة إليه، ويأبى الانسان الظالم لنفسه إلا أن يعرض عنه ويستمر في طغيانه وجهله.


رمضان مدرسة، معلمنا فيها رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم وبين يديه القرآن الكريم وسنته التي ما ترك فيها من شيء فيه صلاحنا إلا دلنا عليه، أو شيء فيه هلاكنا إلا حذرنا منه، وهو القدوة لنا، فإن حرصنا على أن نفعل في رمضان ولو جزءا يسيرا مما كان يفعله صلى الله عليه وسلم لكنا بلغنا الغاية من الصيام.


ورمضان أنسب فرصة لتجديد علاقتنا بالقرآن الكريم، فنتخذه صاحبا وصديقا وملازما لنا في هذا الشهر الذي أنزل فيه، بترتيله وتدبر آياته وفهم معانيه واكتشاف كنوزه والتفكر في قصصه ودروسه ومواعظه.. ثم العمل به ما استطعنا اقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن.


فلنحذر الغفلة في رمضان، ولنحذر الفتن التي قد تعرض لنا فتفسد علينا صومنا، ولنحذر التفريط والانشغال بما يلهينا عن حسن انتهاز هذه الفرصة، ولنشمر عن سواعد العمل والاجتهاد، ورفع التحدي من أول ليلة فيه، ولنكن لأنفسنا عونا لها لا عليها، فلا تنقضي هذه الأيام المعدودات إلا وقد ولدنا من جديد وتزودنا بطاقة من الإيمان تعيننا على الثبات ماتبقى من العام.


 ولنسأل الله التوفيق والتيسير والسداد، فلا ينفع جد واجتهاد وحرص إلا بتوفيق من رب العالمين، وليكن الدعاء سلاحنا نتشبث به، ونحسن استعماله، ونلح فيه ولا نتوقف عنه، فبالدعاء تقضى الحاجات، وتبلغ الغايات، وتحقق الأماني والرغبات، ويطمئن العبد في الدنيا، ويفوز في الآخرة بروضات الجنات.


 

 

تعليقات القراء
لاتوجد تعليقات على هذا المقال الى اﻷن

علق برجاء التدقيق اللغوي لما يكتب