العدد 136
إن ثقافة الأطفال في كل جيل إنما هي الانعكاس الطبيعي لثقافة المجتمع الذي يعيشون فيه باعتبارهم زرعه وغراسه، وباعتبار هذا المجتمع وتلك البيئة، هي الأساس الأول في بناء هؤلاء الأطفال وتكوينهم، وهي الورد المورود لهم، ولتنشئتهم وتنميتهم، حيث يعتبر هؤلاء الأطفال هم النسق الأصغر ضمن النسق المجتمعي الأكبر، ((وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًاۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ)) (الأعراف٥8).
ومع الثورة الإلكترونية، والفيض المعرفي، والطوفان المعلوماتي الذي يجتاح العالم، وفي القلب منه الأطفال، أضحى من الصعوبة البالغة، حياطة هؤلاء الأطفال وصيانة شخصياتهم، والحفاظ على مقوماتهم الشخصية، والصمود أمام هذا الموج المتلاطم من التحديات والأخطار، ذلك أن عالم الأزرار والأضواء والألوان والأهواء قد استغوى الكثرة الكاثرة من أبنائنا، فاستنامت قدراتهم تحت غواية هذا الاستهواء المعلوماتي الساحر، الذي يقدم للطفل ما يغريه ويمتعه، لا ما يبنيه وينفعه.
ولعل الضرر الأكبر والأخطر في هذا الطوفان هو ذلك الاجتياح المهلك، الذي تولد عنه الاستهتار بالعمل قيمة، وبقيم العمل مرجعية، وبأهمية العمل ضرورة، وبشرف العمل حضارة، وذلك لأن هذا العالم المبهر، بما فيه من متعة وروعة وبهجة، قد أضحى ألعوبة شيقة تحت أصابع الطفل المستلب، بكل عوامل ونوازع الاستهواء التي لا ترحم، والتي تغتال في أبنائنا طفولتهم، وما يتبعها من بناء ديني وبدني وعقلي ووجداني ومعرفي وأسري ومجتمعي، وما وراءه من سلوك فاعل حي بناء.
تجارب وخبرات:
ولعل التجارب الواقعية، والبحوث الميدانية، والدراسات العلمية، تقول بآلاف الأضرار والأخطار، التي تصطرع على اجتياح وتفتيت، بل محو هذه الشخصية المنشودة لأبناىنا مما يستوجب وقفة حاسمة، لتدارك الأمر قدر الطاقة.. قبل فوات الأوان، والندم والتحسر على ما كان. ولم يعد أمامنا - آباء ومربين- إلا رماد المعركة، لنبحث خلاله آثار هذا الاجتياح، الذي تم في بغتة من الوقت والوعي.
ولكن حصاد الهشيم الذي نعانيه، لا يمنع أن نبدأ الطريق، وأن نصحح المسار، وأن ندرك ما يجب إدراكه.. والغاية الواحدة، توحد السائرين، مما يستوجب استنفار الجهات والمؤسسات الحكومية، ومؤسسات التربية والتعليم، والتدريب والتوجيه، وكل الجهات المعنية بالطفولة والأطفال، وتربيتهم وتثقيفهم وإعلامهم، وبناء مهاراتهم،.. إلى خوض حرب استرداد، لاستنقاذ الأطفال من هذا السيل العرم، الذي بدّلهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل!..
ولعلنا.. ما زالت تجري على ألسنتنا حلاوة الأناشيد والأغاريد التي حفظناها صغارا، وتمثلنا معانيها كبارا، وكانت جزءا أساسيا في بنائنا وتكويننا وتوجيهنا، وتعزيز سلوكياتنا. حفظنا ذلك، ومارسناه في المزارع والمصانع، والأنشطة التجارية، والمهن والحرف والصنائع.. كل حسب مجاله.
ومن منا لم يحفظ ما رددناه صغارا للشاعر الكبير محمد الهراوي:
أنا في الصبح تلميذ = وبعد الظهر نجار
ولي قلم وقرطاس = وإزميل ومنشار
فما في صنعه عيب = وما في مهنتي عار
فللعلماء منزلة = وللصناع مقدار
أو ردد مع أمير الشعراء أحمد شوقي:
سعي الفتى في عيشه عبادة = وقائد.. يهديه للسعادة
لأن بالسعي يقوم الكون = والله للساعين نعم العون
فإن تشأ فهذه حكاية = تعد في هذا المقام غاية
كانت بأرضٍ نملة تمبالة = لم تَسْلُ يوما لذة البطالة
واشتهرت في النمل بالتقشف = واتصفت بالزهد والتصوف
ثم يحكي شوقي قصة شائقة جميلة موحية، لنملة كسولة، مدعية الزهد والإخلاد للنوم والكسل، بحجة الزهد والتعبد، والتفرغ لقيام الليل، وهي في ذلك متحاملة في أكلها ومعاشها على أخواتها من النمل العامل المجتهد المجد، حتى يضطر النمل إلى محاسبتها وطردها، ودحض هذه الحجة الباطلة قائلا لها:
لكن يقوم الليل من يقتات = فالبطن لا تملؤه الصلاة
ومن منا لم يردد مع الرائد العربي لأدب الأطفال، كامل كيلاني، وهو يتغنى بما تتغنى به النحلة العاملة:
أنفع الناسَ وحسبي = أنني أحيا لأنفع
أنفع الناس ومالي = غير نفع الناس مطمع
وما أجمل حكايات شاعر الأطفال الكبير إبراهيم العرب (٩٩ حكاية) الذي صدر ديوانه عام ١٩١١م، وقررته وزارة المعارف حينئذ على مدارسها بمصر، والذي أضاف فيه إلى القصص والحكايات، القيم والمبادئ، كالحرية، والعدل، والتعاون، والقناعة وغيرها..
فمثلا، يتغنى بالحرية فيقول:
ما وهب الرحمن للبرية = أفضل من موهبة الحرية
سر النبوغ ونجاح الأمم = سر الرقي وعلو الهمم
والرجل الحر بأصغريه = يعرف ما له وما عليه
هذي هي الحرية الصحيحة = وهذه نعمتها الرحيحة
***
مع العامل والفلاح
وما أجمل نداء أمير الشعراء أحمد شوقي! وهو يذكر بقيم العمل، مستنفرا مفاخرا بالعمال، أصحاب الأيادي المعروقة، والأبدان الممشوقة، يذكرهم بما يعملون وما يصنعون، وما يرعون من أمانات، وما يؤكدون من إخلاص، ويرسخون من إتقان وإحسان، فيقول:
أيها العمال.. أفنوا الــعمر كدا واكتسابا
واعمروا الأرض فلولا سعيكم أمست يبابا
إن لي نصحا إليكم إن أذنتم وعتابا
إن للمتقن.. عند الله، والناس، ثوابا
أتقنوا يحببكم اللهُ.. ويرفعكم جنابا
واطلبوا الحق برفق واجعلوا الواجب دابا
واستقيموا.. يفتح الله لكم باباً فبابا
ولم يغفل أمير الشعراء، وهو يحفز هؤلاء العمال، أن يؤكد على صحة العامل، وضرورة قيامه بأداء واجبه، قبل طلب حقوقه، وأن يرعى الأمانة، فإنها سر التفوق ومدار الإحسان.
***
ومن المعروف أن الأنشودة والأغنية، كما ثبت بالتجربة، تثير الطفل، وتستنهض همته، وتوقظ مشاعره، وتحفز عواطفه، إلى حد بعيد، وتجعل منه شخصا اجتماعيا حيويا فاعلا، كما تنمي قدراته الخاصة بالتعبير والإلقاء والطلاقة، والفصاحة والتمثيل، والانتقال من القبيح إلى الجميل.. مما يقوي عزيمته، ويغير من بنائه الشخصي، ويؤصل لديه قيم الحق والخير والعمل، والولاء والانتماء، وينأى به عن البلادة والبطالة والعطالة، ويدفع به إلى أن يكون خلية حية، في نسيج اجتماعي حي صحي صحيح.
وتتشكل التنشئة الاجتماعية للطفل، من مجموعة العناصر الداخلة في تكوينه وتربيته وتثقيفه، من أسرة وإعلام ودور ثقافة، وأندية رياضية، وموروثات بيئية، بما يكفل له تأسيسا سويا وبناء قيميا، يدفع به نحو نمو صحيح ومتسق أخلاقيا وبدنيا،.. فإن الوطن الصالح، يبدأ بالطفل الصالح، لذلك كثيرا ما يتمثل الآباء والمربون، والشعراء والأدباء والمفكرون، المعنيون بتنشئة الأطفال وتربيتهم.. بالنحلة والنملة، والملكة، والفراشة والعصفور، وغيرها. يتغنون مع العامل والفلاح، والصانع والزارع، والتلميذ والمهندس، والبحار والطيار، والجندي والقائد، والأب والأم، والأجداد والأحفاد.. ويتفكرون في السماوات والأرض، والخلق والزرع، والتكوين، والجبال والصخور، والأنهار والبحار، والطيور والحيوانات، والأزهار والأشجار.. كل ذلك يجعل الطفل متوائما متسقا مع بيئته، وأن يكون جملة صحيحة، في بناء كوني صحيح.
لذلك فإن شعراء وأدباء الأطفال، قد عنوا جميعا، وأنشدوا جميعا، بالزارع والصانع، والطالب والمعلم، والتاجر والسوق، والبائع والمشتري. وغردوا للأب والأم، والجد والجدة، والطفل والأسرة، والعم والخال، والعمة والخالة، والجار والمجتمع، والأمة. وأكدوا على حقوق الطريق والبيت، والملبس والهندام, وحب الإخوة وبر الوالدين، ودار العبادة، والمعهد والمدرسة، والمعلم والكتاب، والقلم والقرطاس، والمحبرة والحقيبة، والسبورة والطبشورة.
وأشادوا بالوسائل التعليمية، من خرائط وخطوط، وملاعب ومعامل، ومراسم ومكتبات.. وتناولوا قيم المجتمع المحيط، من آداب السير، وإشارات المرور، وحق الطريق ومراعاة واجبات النظافة والنظام، وعدم الضوضاء، ورعاية الحدائق العامة، وأماكن التنزه، ومراعاة السلوك الشخصي من غسل اليدين والقدمين، ونظافة الملبس والهندام، ورعاية حقوق الوالدين وٱداب البيوت، وأخلاق الضيافة، وأدب التعليم والتعلم، ومساعدة الضعيف، والمحتاج والاقتصاد، والتوفير والتدبير، والمذاكرة والجد والنشاط، والتفوق، والوطنية، والصدق والأمانة، والعناية بتجميل البيئة.
وتمثلوا لكل ذلك، بالنماذج المجتمعية التي يراها الطفل ويعاملها، من الفلاح في حقله، والمعلم في مدرسته، والتلميذ في صفه، والعامل في مصنعه، والخبير في معمله، والأستاذ في جامعته وهكذا..
فهذا كاتب الأطفال الكبير أحمد نجيب يقول:
إنني البحار = دائم الأسفار
قد مضى عمري = في هوى البحر
ثم يهتف بالأطفال في بيئة العمل، فينشد بقوة وعزيمة:
ياجنود الشعب هيا = رددوا لحن الوفاء
وارفعوا الصوت قويا = يسمع الصمّ النداء
وهذا سليمان العيسى يغرد مبتهجا:
عمي منصور نجار = يضحك في يده المنشار
يعمل يعمل وهو يغني = في فمه دوماً أشعار
ويقول الدكتور محمد محمود رضوان، في شأن الفلاح:
احمل الفأس وهيا = نزرع الأرض سويا
سوف أجني بيديا = ثمرا منها شهيا
احمل الفأس وهيا
***.
في غد تزهو الحقول = ذاك قمح ذاك فول
كل ما فيها جميل = سوف ينمو ويطول
احمل الفأس وهيا
***
أيها الفلاح صبرا = قد ملأت الأرض تبرا
لا تقل لم أُجـزَ خيرا = إن عند الله أجرا
احمل الفأس وهيا
***
كما تقول الشاعرة نوال مهني:
هنا زرعي ومحصولي = هنا قمحي هنا فولي
وأرض الحقل أحميها = وأحرسها وأرويها
ومنها ينثر الحَبّ = فيكسو وجهها عشب
بها مرعى لأغنامي = وأبقاري وأنعامي
ومن إنتاجها زادي = تجود برزق أولادي
ويتغنى الشاعر أحمد زرزور قائلا:
ما أجمل النهار = يفوح بالعبير
وصاحبي الفلاح = يجد في المسير
***
ليزرع الحقول = بالكد والعمل
في قلبه الرجاء = في عينه الأمل
***
كما يقول الشاعر الكبير محمد الهراوي، رائد شعر الطفولة والأطفال:
أنا الفلاح في أرضي = أراعيها كما عرضي
وأحرسها وأزرعها = أغذيها صدى نبضي
وكما يجد ويكد العامل والفلاح، يسعى وينشط الطالب والتلميذ، حيث يرى الرائد العربي لأدب الأطفال كامل كيلاني أن المحافظة على الوقت؛ هي من أهم القيم التي يجب أن يتربى عليها الطفل، وأن يتخد منها نهجا وسلوكا لحياته جميعا،.. وكم ساق من قصص، وغرد من أشعار، وحكي من حكايات، في سبيل تعزيز هذا المبدأ التربوي المفتاحي لكل عمل ونجاح وتفوق، ومن ذلك قوله:
أنا لا زلت تلميذا صغيرا = ولكني، علي صغري مجدُّ
أسير إلى العلا سيرا حثيثا = وأنشط نحو غايته وأغدوا
أو يؤكد هذا المعنى, بإمتاع وذكاء، في قصته غير المباشرة (نشيد الوقت) في محاورة بين الأوراق والأشجار والوقت، وأثره عند تبدل فصول السنة، فيقول أخيرا:
ثم قال الوقت للناس وداعا = إنني أنفس شيء في الوجود
ترجع الأوراق والطير جميعا = وأنا من حيث أمضي لا أعود
وبالقطع، فإن فضيلة المحافظة على الوقت، تنعكس على حياة الأطفال عملا وإنتاجا، وسعيا محمودا في أوجه الحياة جميعا.
يقول يحيى بشير حاج يحيى:
بسواعدنا وبهمتنا = نسعى لجمال مدينتنا
فننظفها من أقذار = ونزينها بالأزهار
لا أرمي شيئا في الطرق = حتى لو كان من الورق
ويقول محمود مفلح:
إني أعددتك يا ولدي = للمجد التالد للقمم
ونذرتك يا ولدي شبلاً = مفتول الساعد فاقتحم
ياولدي أنت الراية في = مضمار الحق فلا تنم
الأقصى دنسه الأعداء = وعاث يهود في الحرم
كما يقول مرسي جميل عزيز:
بلدي أحببتك يا بلدي = حباً في الله وللأبد
فثراك الحر تراب أبي = وسماك يزف صبا ولدي
بلدي أحببتك يا بلدي
ومع العمل والعمال.. يتغنى أحمد زرزور أيضا، فيقول:
العامل الخبير = دستوره العمل
مثابر صبور = لا يعرف الكسل
إنتاجه وفير = حيوه ياصحاب
من يبذل الكثير = يظفر بالثواب
وكذلك تغنى كاتب هذه السطور بالتجار وما يلزمهم من قيم البيع والشراء، وأخلاقيات الأسواق والمتاجر، فيقول:
سمح في بيعي وشرائي = سمح في حكمي وقضائي
سمح في أخذي لحقوقي = سمح في ردي وعطائي
****
إن الانسان لفي خسر = إن صار رفيقا للعسر
فأمر بالعرف وخذ عفوا = وافتح أبوابك لليسر
***
كن في بيعك سمح الخلق = ووفيا ينطق بالصدق
لا تحلف كذبا ومراء = مهما لاقيت من الخلق
***
قيم وشيم
وأعتقد أنه ما من شاعر أطفال، إلا وأنشد وغرد، حول قيم العمل والعمال التي بها يكون المجتمع، وبدونها لا يكون أبداً. وتمثل لذلك بالنحلة والنملة، لحث الطفل على السعي والتعاون، والادخار والجد والعمل، وبناء سيكولوجية لعب الدور، وتنشئة وتكوين الشخصية العملية المستقلة، وضرب المثال، وساق القدوة، وأشاد بالنموذج، على نحو ما فعل الشاعر الكبير عبد المنعم عواد يوسف في ديوانه (قمم إسلامية) والتي يجلي الهدف الأسمى من ورائها، فيؤكد:
قمم وليس كمثلها قمم = أشدو بها فيحلق النغم
قمم سمت وتضوأت أفقا = فتبدد الإظلام والظلم
قمم بها الإسلام مؤتلق = عبر الدهور تحفه القيم
العالمون بنورها التمسوا = سبل الهدى واسترشد الأمم
تقول نوال مهني:
النحلة الذكية = في داخل الخلية
مخلوقة عجيبة = في طبعها غريبة
تسعى إلى الحقول = في رحلة تطول
لا تخطئ الطريق = كي ترشف الرحيق
تختار خير عود = من أجمل الورود
إن راقها العبير = أو عبّت الكثير
عادت على عجل = كي تنتج العسل
ما أحسن الشراب = بشهده المذاب
ألوانه العديدة = في أكلها مفيدة
جادت بها غذاء = للناس بل شفاء
الله قد حباها = بالخير إذ هداها
كما يروي الدكتور محمد محمد الغرباوي، عدة قصص شعرية للأطفال، عبارة عن أسئلة يطرحها الأولاد، ثم يجيب عليها الوالد، منها ما جاء حول النحلة، حيث تسأل الابنة (زينب) فيجيب (الوالد).. ثم تنتهي القصة إلى قوله:
شرح الوالد ما يعرفه = عن هذا المخلوق وعسلِهْ
فيه نشاطٌ، جد عجيب = لم نسمع يوما عن كسلِهْ
وكذلك دارت قيم ومبادئ شعراء وأدباء الأطفال، حول العلم وما يستتبعه من مبادئ وآداب، وحراسة ورعاية، من أول تعلم أحرف الهجاء حتى الكمبيوتر:
من أول ( ألف) (باء)، يعني (أب)
حتى التغني بالأزرار والأسرار
ومن ذلك ما كتبه الشاعر الكبير أحمد سويلم في ديوانه الصغير لرياض الأطفال، حيث يحدثهم عن الكمبيوتر فيقول:
العلم بحر واسع = وكله منافع
أعرف بالأزرار = ما غاب من أسرار
وأحسن الأرقام = في دقة الأِحكام
ولن يكون في غدي = صعب بعيني ويدي
ومع العمل، والحث عليه، لم يغب عن هؤلاء الشعراء ضرورة استصحاب النية، فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ مانوى.
يقول كاتب هذه السطور:
في سبيل الله نمضي = في سبيل الله نعمل
من سوى الرحمن يرضى = من سوى الرحمن يقبل
كما نبه هؤلاء الشعراء أبناءنا الأحباب، على شدة العناية بالزروع والاشجار، وتزيين البيئة، وحماية النباتات والثمار.
يقول عبد المنعم عواد يوسف:
هيا هيا يا أطفال = هيا يا أمل الأجيال
نغرس غرسة = تصبح شجرة
بعد قليلٍ = تزهو الثمرة
ومدينتنا = تصبح أجمل
وحضارتنا = تغدو أكمل
وهكذا تتأكد قيم العمل والعمال، وأخلاقيات المهن والصنائع، في نفوس الأطفال، وانتشالهم من واقعهم الافتراضي الفضي الساحر المتغول، إلى الحركة والنشاط والعمل، والإسهام الحي الواعي، في بناء الفرد والأسرة والمجتمع، ونحن على وعي كامل بحقوق الطفولة كاملة مستوفاة، ومدى خطورة انتهاكها واعتسافها، أو التورط في جريمة تشغيل الأطفال واستغلالهم في عمالة رخيصة وغير آمنة، وإعاقة قدرتهم على التعلم والتمدرس، وإضاعة فرصهم في النبوغ والتفوق، وقتل مواهبهم وقدراتهم، وتبديد حقوقهم في حياة أجمل وأفضل، فإن من يبني طفولة ناجحة، إنما يبني أمة، ويصنع حضارة ومستقبلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهم المصادر والمراجع:
١-أحمد سويلم: ديوان رياض الأطفال، وزارة التربية والتعليم، الهيىة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٥م.
٢-إبراهيم العرب: دراسة وتحقيق عبد التواب يوسف، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٣م.
٣- أحمد نجيب: ديوان أحمد نجيب للأطفال والناشئين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٥م.
٤-أحمد شوقي: المختار من ديوان أحمد شوقي للأطفال، الهيئة المصرية العامة للكتاب، تقديم: عبد التواب يوسف، القاهرة، ٢٠٠٣م.
٥-عبد المنعم عواد يوسف: ساحرة الأفق الشرقي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٥م.
٦- عبد المنعم عواد يوسف: قمم إسلامية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2000م.
٧- كامل كيلاني: ديوان كامل كيلاني للأطفال، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٨م.
٨-محمود خليل: سبع سنابل، دار النشر للجامعات، القاهرة، ٢٠١٣م.
٩- محمد الهراوي: سمير الأطفال، وزارة المعارف العمومية، دار الكتب المصرية، القاهرة، ١٩٢٣م.