العدد 131
(مؤتمر شاعر الإسلام محمد إقبال، في رحاب إيوان إقبال بمدينة لاهور، في الباكستان، بالتعاون بين المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في باكستان، والجامعة الأشرفية، وحكومة البنجاب المحلية، في المدة من 29-30 تشرين الأول (أكتوبر) 2016م).
المقدمة:
لقد نظم العلامة محمد إقبال أكثر من نصف أشعاره باللغة الفارسية، فمن جملة خمسة عشر ألف بيت نظم تسعة آلاف منها بالفارسية، وهذه الأشعار تقع في سبعة دواوين شعرية تعدّ ركنا أساسيا من أركان الشعر الفارسي، وجعلته يستحوذ على مكانة مرموقة بين شعراء الفرس، وكان أول من عَرّف بإقبال أدبيًا في إيران المترجم غلام رضا سعيدي (ت: 1988م)، وذلك عام 1938م، أما أول من قدّم إقبال بوصفه فيلسوفًا ومفكرًا في إيران فهو المفكر الإيراني الشهير علي شريعتي (ت: 1977م)، ولعل اهتمام شريعتي بإقبال وتأثره به لم يكن عبثا، فالشعر والفكر الإيراني يفتقر إلى ما دعا إليه إقبال في أشعاره من نهضة الإسلام ووحدته وهي غريبة عليه، وخارجة عن اهتماماته، إذ وجد الدكتور شريعتي الفيلسوف المحقق، الذي يتمتع بذائقة فكرية وفلسفية مميزة، ضالته في فلسفة إقبال وأشعاره؛ لتعلقها بالمسلمين كافة وعدم اختصارها على مذهب أو قومية بذاتها، فأقبل عليها بنهم، وتبنى أفكار إقبال وفلسفته في كتاباته وخطابه العام، لما لهذا الخطاب من تأثير خاصة عند الشباب. والجدير بالذكر أن القضايا الجدلية التي طرحها إقبال في شعره مِثل ختم النبوة وجدت إقبالا في الساحة الفكرية الإيرانية؛ لأنها طُرحت من خلال أشعار إقبال الفارسية، فكان أول من تأثر بها هم المفكرون الإيرانيون، بالمقابل كان إقبال مهتما بالحضارة الإسلامية، وإيران جزء من هذه الحضارة؛ إذ خصص رسالته الدكتوراه عن سير الفلسفة في إيران، وكتب إقبال في عام 1915م مدونات تحدث فيها حول فتح إيران وأهميته، ومن ذلك يذكر أنه: "لو أنني سئلت عن أهم الوقائع في التاريخ الإسلامي لأجبت وبلا أي تردد: فتح إيران. وشبّه الحضارة الإسلامية بطفل أمه آرية جميلة ولطيفة وأبوه سامي "عربي" قوي وصلب. وذكر أنّ الحضارة الفارسية أغنت الحضارة الإسلامية كما أغنت الحضارة اليونانية الرومية([1]).
أما عن سبب اختياره اللغة الفارسية في نظم أشعاره فقد تهيأت ظروف عدة لذلك، منها حضور اللغة الفارسية في الهند لقرون متمادية بوصفها لغة أدبية في شبه القارة الهندية، فاللغة العربية كانت بالنسبة له لغة الدين، والإنجليزية لغة العلم والحضارة الجديدة، والبنغالية لغة محدودة غير منتشرة، أما الفارسية التي توصف بلغة الأحاسيس والمشاعر فكانت أقرب اللغات لبيان أفكاره وانتشارها([2])، وشارك المتصوفة الإيرانيون ومنذ قرون في إشاعة الفارسية في الهند، وكان لهجرة كثير من الأدباء والشعراء والمحدثين السنة وفرارهم بعد سيطرة الدولة الصفوية على إيران إسهام أيضا في نشر هذه اللغة في شبه القارة الهندية، إضافة إلى أن إقبالاً تعلم اللغة الفارسية ومعها العربية منذ صغره على أيدي كبار المشايخ بوصفه تقليدا متبعا ذلك الزمان، فوجد فيها سهولة الألفاظ والتراكيب، ومن الوارد أيضا أن إقبال كان يعتقد أن الأمة الإيرانية كان لها دورٌ كبيرٌ في إثراء الحضارة الإسلامية إلا أنها ابتعدت في الزمن الحاضر عن هذه الحضارة وهي معنية الآن أكثر من غيرها بفلسفته وأفكاره؛ لإعادتها إلى جسد الحضارة الإسلامية، ولخص العلامة علاقته باللغة الفارسية بهذا البيت من الشعر:
مع أن الهندية عذبة كالسكر، إلّا أن الكلام في الفارسية أعذب([3]).
وكان لإقبال، وهو آخر شعراء شبه القارة الهندية وأعظمهم ممن نظموا بالفارسية، دور كبير في حفظ اللغة الفارسية في هذه الديار، وأغنى اللغة الفارسية بكثير من التركيبات اللغوية والمضامين الشعرية والصور الخيالية التي تضمنها شعره، كذلك أغنى الفكر والفلسفة الإيرانية، فكتاباته القيمة حول تاريخ إيران وفلسفتها وتصوفها شاهد على ذلك، إلا أننا مع كل ما ذكر لا نجد في إيران الاهتمام اللازم الذي يستحقه العلامة إقبال ويضعه بمكانته الصحيحة بين كبار شعراء الفرس ومفكريه وفلاسفته.
فمراكز الدراسات المتخصصة بإقبال معدومة سوى كرسي إقبال في جامعة الفردوسي في مشهد، وهو غير فاعل كما يجب، أما الجهود الأخرى حول إقبال في إيران فتبقى فردية، وربما يعود ذلك إلى أن إقبالاً ما كان ينظم الشعر وينمقه لأجل الشعر بذاته أو لأجل محسناته اللفظية، بل كان شعره يعبر عن فلسفة وفكر جديدين وعميقين، وهما بمنزلة الدواء لداء التفرقة والتخلف الذي حل بالأمة الإسلامية، وقد يكون هذا غير منسجم مع مضامين الشعر الفارسي المعاصر. ويذكر أن إقبال كان معجبا بالشعر الفارسي القديم، وكان يجد في أشعار بعضهم من القضايا ما يمكن أن يتناسب ويفيد في وضع الأمة الإسلامية الراهن، فتأثر بعدد منهم وأهمهم جلال الدين الرومي، الذي أخذ من ديوانه الكبير كثيرًا من المضامين والتشبيهات والمفردات والتراكيب، واستخدمها في شعره، وأظهر تعلقا شديدا بأفكاره، ونعته بالمرشد وشيخ الطريقة ومما قاله في حقه:
"الرومي مرشد وشيخ طريقة ضميره حي، وهو أمير قوافل العشاق المتيمين".([4])
ووجد إقبال مدحًا من أشهر شعراء الفرس المعاصرين، وهو يعد شهادة منهم على تميز أشعار إقبال الفارسية شكلا ومضمونا، نذكر منهم بهار الذي يقول في حق إقبال:
"زمننا زمن إقبال، رجل أفضل من مئات الألوف من الرجال،
جيوش الشعراء انهزمت وتحطمت، وفعل هذا المقاوم يزن فعل مئات الآلاف".
وذكر الشاعر صادق سرمد في مدح إقبال:
"مع أن الرجال تموت بمرور الزمان، ما مات إقبال ولن يموت.
إن انقضى عمره، فإن سيرته لن تنقضي ولو انقضت آلاف السنين،
فسلاما على لاهور والبنجاب، التي أنجبت هذا الشاعر كريم الخصال".([5])
ولم يتأثر شعراء الفرس المعاصرون بشعر إقبال، ولم يأخذوا أو يقتبسوا منه، ومن الممكن أن يكون مرد ذلك إلى أن مضامين إقبال الشعرية غريبة عن الشعر الفارسي المعاصر؛ لما تحمله من دعوة لوحدة الإسلام والمسلمين، فالاهتمامات الشعرية في إيران مختلفة عما يصبو إليه إقبال في شعره، فجل مضامين الشعر الفارسي مرتبطة بالمذهب ومتعلقاته وبالحياة الاجتماعية والسياسية في إيران، ويعتقدون، على الأغلب، أن ظلما كبيرا وقع على الفرس عندما كانت الأمة الإسلامية واحدة زمن الخلافة الأموية والعباسية، فلا يريدون أن تتكرر التجربة ويعود حكم العرب عليهم، إلا أن فلسفة إقبال وجدت رواجا كبيرا عند بعض المفكرين المعاصرين المهمين في إيران، ومن أشهرهم مرتضى مطهري، وعلي شريعتي، وسيعمل البحث على تناول جوانب تأثر هذين المفكرين بإقبال.
مرتضى مطهري (1919-1979م):
عدّ مطهري العلامة إقبال عنوانا للإصلاح في العالم الإسلامي، وأنّ أفكاره الإصلاحية تجاوزت حدود القارة الهندية وأثرت في العالم الإسلامي كافة، ولم يكن إقبال برأيه رجل فكر فحسب، بل رجل عمل ومقاومة أيضا([6]). وانعكست فلسفة إقبال على أفكار مطهري، ومن ملامح تأثره بفلسفة إقبال في كتاباته أن إقبالاً طرح سؤالا في كتاب "إحياء الفكر الديني في الإسلام" مفاده: هل يمكن أن يكون الفقه الإسلامي متطورًا ومتجددًا؟ يقول إقبال: أنا متأكد من هذا الأمر؛ بسبب حرية روح الإسلام... وانسجامها مع الحياة الجديدة، وكلي ثقة أن البحث الجدي والأكثر شمولية وعمقا في الآداب الفقهية الإسلامية العظيمة سيُمحي حتما الاعتقاد السطحي للناقدين الجدد الذين يجدون الفقه الإسلامي جامدًا ولا يواكب التطوّر. ويضيف بأن حياة الإسلام وحيويته تكمن بالاجتهاد، وإذا توقف الاجتهاد في الدين فسيخرج عن مساره التكاملي. وهذا ما يؤمن به الأستاذ مطهري بناء على رأي إقبال؛ لذلك نراه يؤكد على الاجتهاد في كتاباته، ويعده أساس الحركة في الإسلام([7]).
علاقة الإسلام بالعلوم الجديدة.
عدَّ محمد إقبال في كتابه "إحياء الفكر الديني في الإسلام" قطع العلاقة مع العالَم غير الإسلامي أحد علل تخلّف المسلمين وتأخرهم، إذ يقول في ذلك: "استنادا لهذا، فمن الضروري مع الصحوة الجديدة في الإسلام أن تتم دراسة هذا الأمر (التطوّر العلمي) بروح حياديّة لكي ندرك ما قد أنتجت أوربا، وكيف يمكن أن تعيننا النتائج التي توصلوا إليها في إعادة النظر بما نحن عليه.
ويعتقد إقبال أن الفكرة المسيحية التحريفية المبنية على تحقير الطبيعة قد ترسخت في قلوب المسلمين، وأن الإسلام مضطلع بشكل كامل على تفاعل العامل المادي والمعنوي مع بعضهما ويقتنع بذلك التفاعل، ويجب رعاية الأسس الإسلامية الصحيحة للتعامل مع هذا الواقع. وانطلاقا من هذا توجّه إقبال شخصيّا إلى الغرب لاقتباس علومهم، وشرع بإيجاد البديل الخلاق والإبداع والابتكار في المجتمع الإسلامي بروحه التشخيصيّة واستقلاله الفكري([8]).
استنادا لأسلوب إقبال، يعتقد الأستاذ مُطَّهري أن شموليّة الإسلام تستوجب ذلك وخاصة ما هو ضروري للمجتمع الإسلامي، ويجب تعلمه واستيعابه، ولأن أصل لزوم الاستقلال وعزّة المجتمع الإسلامي تستوجب ألا يكون المسلمون في حاجة لبقية المجتمعات غير الإسلامية، بل بداية يجب اقتباس العلوم الضرورية منهم، ثم الوصول إلى النبوغ والازدهار الضروري. يقول مطهري في بحث "إحياء التفكّر الإسلامي" عن رأي إقبال: "إذا أخذنا بعين الاعتبار جانب أوربا الفكري والعلمي فقط، فلا خطر يترتّب علينا في التوجّه إليهم، ولأن العلم علم بحد ذاته، وعلوم أوربا امتداد وتَبَع للعلوم الإسلامية وكذلك ثقافتها"([9]).
ويؤمن إقبال أن فكر أوربا اليوم وتطوره في الفلسفة والعلوم الجديدة مُستلهم ومدين للعالَم الإسلامي وعلمائه، فلدينا آثار للحكماء المسلمين في المكتبات الأوربية لم تُطبع بعد، وكانت تُبحث نظريات بين العلماء المسلمين في المجالس مثل، نظرية آينشتاين بين أبي المعالي العالِم المسلم والإمام الغزالي. يجد الأستاذ مطهري في كتاب "الخدمات المتبادلة بين الإسلام وإيران" أن أحد أسباب سرعة تطوّر المسلمين وتقدمهم في العصر الأوسط يكمن في استلهام العلوم والفنون والصناعات واستعارتها دون تعصّب، ويعتقد أن المسلمين في ذلك العصر كانوا يستفيدون من العِلم في كل جزئية، ومن أي شخص مهما كان.
ويعتقد مطهري أنّ من مزايا الحضارة الإسلامية في العصر الذهبي من القرون الوسطى، حركة ترجمة الكتب العلمية إلى العربية من لغات مختلفة مثل، اليونانية والهندية والفارسية، ومن خلال هذا الطريق انتقلت أهم العلوم وأفضل النتائج العلمية إلى العالم الإسلامي من الأقوام الأخرى كالإيرانيين والكلدانيين والنبطيين والمصريين والهنود واليونانيين.
ويعتقد مطهري أن المسلمين كانوا بعيدين كل البعد عن التعصّب وتعاملوا بروح التسامح والتساهل في نقل العلوم من الآخرين، وأحد آثار هذا العمل، نفوذ اللغة الفارسية على مستوى العالم الإسلامي بوصفها لغة إسلامية ثانية. فعلى سبيل المثال انتشرت اللغة الفارسية في شبه القارة الهندية، وبعد ذلك شُغِف بها شاعر كبير ومُصلح ومفكّر إسلامي عظيم مثل العلامة محمد إقبال، ونقل أفكاره وتصوراته الجديدة في قالب أشعار باللغة الفارسية إلى المسلمين كافة، وحتى إلى العالَم، ومهّد هذا الأمر السبيل لإحياء المساجد وسيادة المسلمين وعزتهم مرّة أخرى([10]).
استعادة الهوية الإسلامية والعودة إلى الذات.
يُعدّ شعار العودة للذات الإسلامية والهوية الدينية الأصيلة، أحد أفكار المصلحين السامية ودعاة إحياء الإسلام. يُقدِّم محمد إقبال حلا وأسلوبا إصلاحيا وهو فلسفة الذات؛ للابتعاد عن التغرّب عن الذات وخسارة المجتمع الإسلامي، ومن أجل الابتعاد عن مظاهر الثقافة الغربية السلبية، والعودة للإسلام الأصيل على أساس التعقّل. ورسالة إقبال ليست للمسلمين فقط، بل للأمم المحرومة والمتخلفة كافة، التي ترزح تحت سيطرة الاستعمار والاستغلال السياسي والاقتصادي للقوى الغربية الكبرى.
أما بشأن العلاقة مع إحياء الفكر الديني في الإسلام؛ فيعتقد إقبال بأنه: يجب على كل الأمة الإسلامية في الوقت الحالي أن تغوص في أعماق ذاتها، وأن تركّز اهتمامها في هذا الاتجاه ولو مؤقتا، وأن تكون فلسفة الذات درسا يُدرَّس لكافة المسلمين في الاعتماد على النفس والثقة بها في معرفة الحقيقة، وسعى إقبال لإحياء ذاته والمجتمع الإسلامي في كل موضع من منظومة أسرار الذات. ويرسل إقبال رسالة للمحرومين يؤكد فيها أنكم موتى إن فقدتم ذواتكم([11]).
يعكس إقبال من خلال طرح فلسفة الذات الوجه الإيجابي للحكمة والعرفان الشرقي. وهذه الذات هي النواة المركزية لشخصيتنا، ومركز الإرشاد والجوهر الحرّ الخالد، وتعمل هذه الفلسفة على إنصافنا وتقويمنا وتبدّلنا وتحوّلنا وتكاملنا. ويجد الأستاذ مطهري أن إحدى مزايا محمد إقبال تكمن في فلسفته هذه. ويقول مطهري في شرح أبعاد هذه الفلسفة: "لقد فقد الشرق الإسلامي هويته الواقعية التي هي ذات الهوية الإسلامية، وعليه استعادتها.([12])
ويعتقد إقبال: أنه في حالة تعرّض الشخص لفقدان الذات أو تذبذبها والابتعاد والاغتراب عنها فسيحل غيره محلهُ... ويستوطن أرضه الآخرون، ويعمل لصالحهم عوضا عن العمل لنفسه، وهذا ينسحب على المجتمع أيضا... ويعتقد إقبال أيضا: أن المجتمع الإسلامي يعاني اليوم من مرض تذبذب الشخصيّة واهتزازها وفقدان الهوية في التعامل مع الحضارة الغربية وثقافتها، ويُعدُّ الإسلام والثقافة الإسلامية هي ذات هذا المجتمع وأصله، والركن الركين لشخصية هذه الروح الاجتماعية. والعمل الأول الذي يجب أن يقوم به المصلحون؛ إعادة الإيمان وثقة هذا المجتمع بذاته، ونعني به الثقافة والمعنوية الإسلامية، وهذه هي فلسفة الذات بحد ذاتها. ومن أجل ألّا يعاني الإسلام وثقافته من الركود والانحطاط لكونه الذات الأصيلة للمجتمع الإسلامي، فيعتقد مطهري "أن الدين حيّ، ولا يموت إطلاقا، أي أن حقيقة الدين غير قابلة للموت، وستبقى حقيقة الدين حيّة مع المبادئ العامة التي ذكرها، أما الذي يموت فهو تفكير الناس في الدين، لذلك فالإسلام حيّ، لكن الذي مات هو فكر المسلمين"([13]).
يجد مطهري أن إقبال هو الشخص الفريد من بين الشعراء؛ الذي خصّ أشعاره وأفكاره بفلسفة الذات، ونعني بها العودة إلى الذات واستيعابها والعثور عليها([14])، وقد اهتم كثيرا بهذا الموضوع. وقد عاد مطهري لذاته متأثرا بإقبال، واكتشف نفسه مرّة أخرى في البحوث الأخلاقية في كتبه مثل: فلسفة الأخلاق، والتعليم والتربية في الإسلام، أو في البحوث العقدية والاجتماعية مثل: الخدمات المتقابلة بين الإسلام وإيران، والإسلام ومقتضيات الزمان.
علي شريعتي (1933-1977م):
لقد جمعت بين إقبال وشريعتي المفكر الإيراني المعاصر علاقةٌ روحية مميزة دفعته لأن يؤلف كتابا حول إقبال أسماه "نحن وإقبال"، إذ قام في هذا الكتاب بالتعريف بإقبال وتقديمه للمجتمع الإيراني بصورة صحيحة وسليمة؛ لفهمه فلسفة إقبال، وإدراك أهمية ما دعا إليه. وجاء وصفه للعلامة إقبال دقيقا صادقا حقيقيا؛ لمعرفته العلمية بأفكاره وفلسفته، وأفاد شريعتي من إقبال في صياغة مفاهيم مركزية عدة في مشروعه الفكري.
وسنتناول فيما يأتي أهم ما ذكره شريعتي في كتابه "نحن وإقبال" من إنصاف وبيان لرسالة إقبال وفلسفته.
إقبال إنسان بروحية متعدّدة الأبعاد.
إن إقبال مفكر يتمتع بروح ذات أبعاد مختلفة، وهذا ليس مصادفة، لأن هذه الروح هي الروح الإسلامية، وهكذا هو ربّ الإسلام، ورسول الإسلام، والمسلمون... حديثه ساحر، ومتفكر حكيم، ورجل الشقاء، والصبر، والسكوت، والحبّ، إقبال ابن هذه الأسرة، وتلميذ هذا المكتب، الفيلسوف، والسياسي، والمجاهد، والمحقق، والعارف، والعالِم الإسلامي، والشاعر، وصاحب الثقافتين الغربية والشرقية...([15])
إقبال مفكّر في عرصة الأفكار والنضال.
يعدّ إقبال أحد الوجوه الفلسفية الشاخصة في العالم، لكن الفلسفة لم تشغله إطلاقا عن معاناة الناس ومصير أمته الجائعة والأسيرة، وخرجت أبحاثه الفكرية والعلمية والنظرية من التأملات الفلسفية العميقة، وحارب الاستعمار البريطاني جنبا إلى جنب مع المجاهدين الأحرار، ولم يُبعده عن عالم اليوم وثقافة العالم وتمدنه وعلومه تعمقه في التاريخ والمعارف الإسلامية، ولم يبق رهين القوالب القديمة وأحاديث القرون، وتعرّف على الحضارة والعِلم والأفكار الحديثة بشكل مباشر وعميق، حتى صار رجل هذا القرن، ولم يُبعده التحقيق والدراسة في أوربا وثقافة الروح الأوربية، عن ذاته ولا عن تاريخه وثقافته وإيمانه، ونعني به الإسلام، ولم يصبح عالِمًا ذا مشرب أوربي حتى ينفصل عن الشرق وعن حياة أمته الإسلامية وروحها وآلامها وآمالها.
لم يحرمه جفاف الفلسفة العقلي من جمال الشِعْر ولطافته. لم يجرّه الإيمان المذهبي إلى التعصّب، ولم تُذهب نظرته إلى العالم المفتوح الإيمان من قلبه، ولم تحشره السياسة في العمل التقليدي المتكرر، ولم يحجب العرفان نظره عن الحقائق القاسية، وعن مصير المجتمع الصعب وسياسته، وأخيرا؛ فقد كان يُفكّر كبرجسون([16])، وكان دائم الحبّ كجلال الدين الرومي، وحارب الاستعمار كالسيّد جمال الدين لتحرير الأمة الإسلامية، وسعى كطاغور؛ لإنقاذ الحضارة من كارثة العقل الحسابي، وآفة التسلّط، وصار مثل القسيس كارل يؤمّل إنسان اليوم في تربية الروح والعشق من جفاف هذه الحياة، وكذلك مثل لوثر وكالون فجعل هدفه تجديد الأفكار المذهبية في مذهبه.
كان إقبال، رجل دين ودنيا، إيمانا وعلما وعقلا وإحساسا، فلسفة وأدبا وعرفاناً وسياسة، كان مع الله والناس، عبادة وجهادًا، عقيدةً وثقافةً، رجل الأمس واليوم، ومتعبد الليل والنهار. ويُعدُّ التعريف به ومعرفته من الأمور الفورية والحيوية لكل مفكرينا التائهين، ولشريحة عامتنا المخدّرة ولعلمائنا المحدثين والسلف. وليس مصادفة أن يخشوا اسمه وهم الذين يعتاشون على جهل الناس، ويخشون النور وحُماة للظَّلَمَة ولغفلة المجتمعات الإسلامية، وهم الذين عملوا على جعل الناس كالأنعام في الجهل. لذلك يشعر الظَّلَمَةُ بالخطر من شخصية مسلمة مثل إقبال...([17])
إقبال شخصية عالمية.
يُعدّ العلامة محمد إقبال في القرون الأخيرة أحد المعدودين الذين أصبحت لهم شخصية إسلامية عالمية، إضافة إلى شخصيته الإنسانية. ويقول البروفسور شاندل أحد الكُتّاب المعاصرين: يُثبت ظهور إقبال أن الثقافة والحضارة الإسلامية قد حافظت إلى الآن على استعدادها لبناء الأفكار والشخصيات وتصديرها على مستوى العالَم في عهد انحطاط المجتمعات الإسلامية([18]).
إقبال مظهَر قدرة إحياء الإسلام.
يُعدُّ إقبال في تاريخ الفلسفة العالمية وتاريخ تفكّر عالَم اليوم، شخصية تُطرح إلى جانب برجسون وديكارت، وهذا افتخار عظيم، وقد حافظ الإسلام كالسابق على قدرة تنشئة الإنسان، وتربية النبوغ رغم العلل والعوامل السياسية والاستعمارية والرجعية والمادية كافةً التي تحول دون نمو الشخصيات وتطورها والنبوغ في المجتمعات الإسلامية، وخير مثال على ذلك إقبال الذي يُعدُّ صرخة عالمية وداخلية في المجتمع الإسلامي الذي يعيش حالة من الصمت القاتل في عهد استعمار المجتمع الإسلامي، وبخاصة شرقُ المجتمع الإسلامي؛ أي الهند وأمثالها، وكان بمثابة ضربة لجسم عدو الإسلام والقوّة الاستعمارية التي ما انفكت تُخدّر أفكار المسلمين وتسمم مشاعرهم([19]).
إقبال أرقى أنواع التجلّي في الأبعاد الإنسانية كافةً.
أثبت إقبال؛ هذا المفكر الكبير الذي يتمتع بمكانة خاصة من الناحية الفكرية والفلسفية، أن الإسلام يستطيع في عالَم اليوم وعالم التفكّر أن يُطرح على أعلى مستويات التفكير العلمي. أما من الناحية الاجتماعية فإقبال أنجز فعلًا حسنًا في النضال ضد الاستعمار. وإقبال صاحب فكر فلسفي وعلمي أيضا. ويتمتّع بأعلى الدراسات في عالَم اليوم، وهو رجل سياسة ومُفكّر بمصير المجتمع أيضا، ورجل عمل ونضال، ورجل شعر وأدب وفلسفة. ورجل تحمل الالتزامات الثقيلة اتجاه مجتمعه، وصاحب أسمى تجلّ في مختلف الأبعاد فهو: شاعر، وسياسي، وفيلسوف، ومناضل فكري، ومجاهد سياسي واعٍ، من أهل الخلوة والدعاء والتأملات الروحية، صاحب نضالات اجتماعية، ومناضل ضد الاستعمار، وصاحب يقظة فكرية اجتماعية، من دعاة إحياء الثقافة والإيمان، وهو من أهل الكلام والأدب، وهذا الرجل خطر على الاستعمار الخارجي وعلى الاستعباد الداخلي([20]).
إقبال صاحب عقيدة فكرية واضحة المعالم.
إقبال مشيّد وباني هذه الروح الجديدة التي نمت في بدن المسلمين نصف الميت، وهو صاحب صرخة اليقظة الأولى في الشرق النائم، والشخص الذي تخشى ظله الأفكار المشكوكة والأيادي الملوّثة، والتي أثرّت أفكاره ليس فقط على المجتمع الإسلامي والإيراني حسب، بل على الأمم الأسيرة والمكبلة كافة، وعلى كل من اغتصبت أرضه على حد قول فرانتز فانون.
نحن لا نريد تجليله فقط، بل إنّ التعرّف على رجال مثل، السيّد جمال الدين وإقبال لا يعني التعرّف على شخصية فردية، وإنما التعرّف على عقيدة فكرية وأيديولوجية، والتعرّف على ظروف أوضاعنا وأحوالنا. إقبال عنوان لفصل، ومن خلال التعرّف على إقبال، أو السيّد جمال نلج إلى نصٍّ يكون عنوانه هذه الشخصيات، ونصّه نحن، وأفكارنا ومشكلاتنا وحلولها، والتعرّف على إقبال والسيّد جمال يعني التعرّف على الإسلام والمسلمين والحال والمستقبل([21]).
إقبال المسلم الكامل.
محمد إقبال ليس عارفا مسلما فقط مثل الغزالي، أو محيي الدين بن عربي، أو حتى مثل المولوي الذين يفكرون فقط بالحالات الصوفية الغيبية([22])، ويجدون فيها التكامل الفردي، وتزكية النفس وتنوير باطن النفس، ويغفلون عن الخارج، ولا يعرفون شيئا عن حَمْلة المغول، واستبداد الدولة، واستعباد الخلق، وليس كمثل أبي مسلم وحسن الصبّاح وصلاح الدين الأيوبي، وشخصيات مثلهم الذين كانوا في التاريخ الإسلامي مجرد رجال سيف وحرب ونضال وقوّة([23])، ويجدون الإصلاح والتغيير والثورة في الفكر والروابط الاجتماعية والتربية البشرية تتأتى من خلال فرض القوّة والسيطرة على العدو، وليس كعلماء مثل سيّد أحمد خان الهندي الذي يعتقد أن وضع المجتمع الإسلامي وهو تحت ظل أي جَوْر أو تحت سيطرة نائب الحاكم البريطاني يمكن إحياؤه بتفسير علمي معاصر متناسب مع القرن العشرين.
إقبال، رجل يجد في الوقت ذاته أن العِلم عامل كافٍ لإنقاذ البشرية والتكامل ورفع المعاناة، ولكن بطبيعة الحال ليس كالغرب، وليس كالفلسفة التي تعدُّ الاقتصاد وتأمين الحاجات الاقتصادية سببًا وراء تأمين الحاجات الإنسانية، وليس كمواطنيه ونعني بهم المفكرين الهنود والبوذيين الكبار الذين يعدون صفاء الباطن وتنمية الروح هما الرسالة البشرية في هذه الحياة الصعبة المعقدة، ويصورون أنه من الممكن تنمية أرواح طاهرة، وإنسان خلوق وسعيد في مجتمع يسوده الجوع والعبودية والضعف والذلّة.
إقبال، عالم عظيم، بهذه الروح النقية الصافية، وفي الوقت ذاته رجل ينظر باحترام للعلم والتطور التقني وتقدّم العقل البشري في زماننا، وغير متعلق بأفكار التصوّف والمسيحية ومذهب بوذا وأوجين التي بُنيت على احتقار العِلم والعقل والتطوّر العلمي، وعلمه ليس جافا مثل عِلم فرانسيس بيكون وكلود برنارد الذي يكمن فقط في كشف الروابط الظاهرية والنتائج المادية واستخدام القدرات الطبيعية من أجل حياة مادية، وفي الوقت ذاته ليس مفكرا يمزج بين الفلسفة والإشراق والعِلم والدين والعقل والوحي، مثلما فعل (دار اشكوه) والآخرون، لكنه يجد التعقّل والعِلم بذات المعنى المستخدم اليوم في العالَم، وذلك ليس بهدف المصاحبة والاتحاد مع العشق والشعور والإلهام، بل إن توافقهما ضروري لتكامل الروح البشرية.
إقبال بحد ذاته يمتلك وعي الزمان السياسي في أوجُهٍ، بحيث يجده بعضهم فقط وجهاً سياسيا وقائدا للحرية الوطنية ومعاديا لاستعمار القرن العشرين، وكان قد وصل أيضًا إلى منزلة في التفكير الفلسفي والعلمي جعلت من الغرب اليوم يعدّه مفكرًا وفيلسوفا معاصرا على غرار برجسون، وكالغزالي في التاريخ الإسلامي، وفي الوقت ذاته نعدُّه رجلا مصلحا للمجتمع الإسلامي ودائم التفكير بوضع المجتمع البشري والإسلامي، والمجتمع الذي يعيش فيه، ويُجاهد لإنقاذه وحريته، ليس فقط بشكل فكري وعلمي، أو على حد تعبير سارتر، بشكل تظاهرات فكرية ذات اتجاهات سياسية يسارية، بل ينظر لها بوصفه شخصًا ملتزمًا ويعمل على ذلك المبدأ، وأيضا عاشق للمولوي ومعراجه الروحي ورفيق سفره، واحترق كما احترق المولوي بنار العشق والألم والاضطرابات الروحية، وهو رجل عظيم ليس على بعد واحد وغير قابل للتجزئة، ومُسلم غير أُحادي النظرة، يعني إنساناً كاملاً مثلما هو مسلم كامل. مسلمٌ يعرف موروثه الحضاري ويعرف موروث الآخرين الحضاري. وهو بما لديه من ملكات النقد يستطيع التعاطي مع الموروثَيْن واتخاذ الموقف الملائم من مكوناتهما رفضاً أو قبولاً.([24])
إقبال الروح المتكاملة والحافلة بالإلهام الشرقي.
اجتاز إقبال جميع المنازل الفلسفية والروحية لهذا العصر من خلال نظرته الإيمانية والعرفانية الإسلامية. ويمكن القول: إنه مهاجر إسلامي خرج من أعماق محيط الهند الحافل بالأسرار، وتسلّق أعلى قمم جبال أوربا، لكنه لم يمكث وعاد إلينا لكي ينفع أمته الإسلامية. ويخلق مرّة أخرى بشخصيته أنموذجًا حقيقيًا للمسلم المعاصر.
لم يكن من الرجعية أو عبدة القديم الذين يناصبون العداء لكل ما هو جديد وللحضارة الجديدة والغرب بغير معرفة السبب، كذلك لم يكن مثل أولئك الذين يقلدون الغرب دون امتلاك جرأة الانتقاد والانتخاب. فنجده يستخدم العِلم من جانب، ومن جانب آخر يشعر بعدم كفاية العِلم ونقصانه لتغطية الحاجات المعنويّة ومقتضيات التكامل البشري كافة، وفي الوقت نفسه يمتلك الحلول الناجعة لإكماله([25]).
نتيجة:
كان للغة الفارسية والأدب الفارسي مكانةٌ خاصة لدى محمد إقبال، ونظم أشعاره في غالبيتها بهذه اللغة، ولم يتأثر شعراء الفرس وأدباؤها بشعر إقبال من الناحية الفنية والأسلوبية أو حتى المضمون؛ لاختلاف اهتمامات الشعر الفارسي المعاصر مع رسالة إقبال الشعرية، وقد يكون أيضًا أنّ شعراء الفرس لديهم مئات الشعراء الذين تفيض أشعارهم بالفنون الشعرية، وهم أولى للتأثر بهم، إلا أن التأثير الواضح الذي تركه إقبال في إيران كان على فلاسفتها ومفكريها. وقد يكون مرد ذلك إلى موقف إقبال من المذاهب الإسلامية وتسامحه معها وتأثره بفلاسفتها؛ إضافة إلى افتقار الفكر الإيراني المعاصر لما ذهب إليه إقبال من وحدة المسلمين وإحياء الحضارة الإسلامية. ومن أهم من تأثر بفكر إقبال وفلسفته في إيران المفكر مرتضى مطهري الذي يشاهد في جُلِّ آثاره أسماء ودلائل لأفكار محمد إقبال بشكل مباشر وغير مباشر، وهذا دليل على تأثره به، لذلك وصفه ببطل الإصلاح، والمُفكّر الإسلامي العظيم، ووجده أيضا من أصحاب الحق العظيم على المجتمع الإسلامي.
أما المفكر علي شريعتي فكان مولعا بإقبال وعدّه أنموذجًا للمسلم المعاصر، ولشريعتي فضل عظيم في التعريف بإقبال وفلسفته بين الإيرانيين، وفتحَ البابَ واسعا أمام أهل وطنه للتأثر بإقبال، وأظْهَرَ شريعتي علاقته وتأثره بإقبال في كتاب أفرده له بعنوان "نحن وإقبال"، حيث يشاهد في كتابه تموُّجاً لأفكار إقبال وأشعاره ومقولاته. وأيد شريعتي نظريات إقبال بخاصة نظريةُ "ختم النبوة" مما أثار جدلاً بين المفكرين الإيرانيين، وأحدث شرخا في وحدة أفكارهم بين مؤيد ومعارض.
([1]) جاوید اقبال، زندگی وافکار علامه اقبال لاهوری، جلد اول، ترجمه شهیندخت کامران مقدم، چاپ دوم، تهران: شرکت به نشر (انتشارات آستان قدس رضوی)، 1372، ص289.
([5]) بقايى، محمد، ايران، ايرانى وزبان فارسى از دیدگاه علامه اقبال لاهوری، مجله ى افراز، شماره ى هشتم، 1385، ص84.
([8])جاوید اقبال، زندگی وافکار علامه اقبال لاهوری، جلد 2، ترجمه شهیندخت کامران مقدم، چاپ دوم، تهران، انتشارات آستان قدس رضوی، 1372، ص 286- 287.
([10]) مطهری، مرتضی، خدمات متقابل اسلام وایران، چاپ اول، قم: دفتر انتشارات اسلامی، زمستان 1362، ص 376.
[12]) ) مطهری، مرتضی، نهضت های اسلامی در صدساله ی اخیر، قم: صدرا (بی تا)، ص 53-54.
([13]) مطهری، مرتضی، ده گفتار، ص 134. ([14]) مطهری، مرتضی، مقدمه ای بر جهان بینی اسلامی، قم: صدرا (بی تا)، ص 304.
([15]) شريعتى، على، ما واقبال، نشر الهام، تهران، 1380، ص 7. ([16])مفكر وفيلسوف فرنسي، حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1927م.
[17])) السابق ص 8. ([18])السابق، ص11. ([19])السابق، ص 11. ([20])السابق، ص 30. ([21])السابق، ص 24.
[22])) هؤلاء الثلاثة ليسوا سواء في فلسفة التصوف، تنظيرا وسلوكا، وثقافاتهم مختلفة، ومكانتهم في العالم الإسلامي متفاوتة. (رابطة الأدب الإسلامي).
[23])) وهؤلاء أيضا كسابقيهم في الاختلاف مكانة وفكرا وسلوكا. (رابطة الأدب الإسلامي). ([24])السابق ، ص 34. ([25])السابق، ص 38.