رائد من جيل الأفذاذ الكبار الدكتورعبدالقدوأبو صالح :عطاءٌ إبداعيٌّ مُتجدد
كتب  عبداللطيف الجوهري ▪ بتاريخ 07/08/2022 05:43 ▪ تعليقات (0) ▪ طباعة  أرسل لصديق  أرسل لصديق 

العدد 126

 

 لقد تحقق في فقيد الأمة ونصيرلغتنا الشريفة وآدابها الدكتورعبدالقدوس  أبو صالح – رحمه الله – خلال مسيرة عُمرِهِ المبارك ماورد في الحديث النبويِّ الشريف : " إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملهُ إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له "( رواه مسلم ) ومثله من العلماء الأفذاذ يرحلون بجسومهم ولاتموت آثارهم وثمار تربيتهم وتصانيفهم وماحفروه على جدار الزمن وصفحة الأيام و" الناس موتى وأهل العلم أحياء" .

 ومسيرة أستاذنا المباركة في طلب العلم وتعليمه ، ورحلته مع العطاء الإبداعي تربويا وأدبيا وإعلاميا وإداريا يلزمها المجلدات والرسائل العلمية المتخصصة ، ووراء ذلك أصل كريم ، ونشأة صالحة ، وتربية دينية في بيت علم وأدب ، مع همة عالية في طلب العلم وتحصيله والرحلة في طلبه بدءا من ربوع حلب الشهباء مرورا بمغاني دمشق الفيحاء وصولا إلى قاهرة المعز ، فكان كما لقبه أديبنا الناقد الدكتور حلمي القاعود (الطائر المهاجر) ، فنراه يجتهد في الدرس وطلب العلم يتمثل قول الإمام أبي حنيفة النعمان " إن هذا العلم لايؤتيك بعضه مالمْ تُعطه كُلَّك " ، وهو – رحمه الله – بعد إتمام دراسته الثانوية في مدينة حلب يواصل الدرس وتحصيل العلم في جامعة دمشق ليحصل على الليسانس في اللغة العربية وأدابها ، ومنها يحصل على دبلوم عام في التربية ، ولايكتفي بهذا بل يسعى للدرس الحقوقي فيحصل على ليسانس الحقوق من نفس الجامعة ، وبعدها يؤم القاهرة ؛ ليتم الدرس العالي في جامعتها وفي كلية الآداب يواصل الدرس ، فيحصل على درجة الماجستير ثم درجة الدكتوراه من نقس الكلية ، وخلال الدرس يختلف إلى مكتباتها الكبرى فضلا عن مكتبات العلماء وكبار الأدباء والمحققين في بيوتات المجد  والعلم والأدب ، كما حدَّثَ عن اختلافه إلى دارة العلامة محمود شاكر ، ولقائه في مكتبة العلامة محمود شاكر وفي داراته بأعلام الفكر والأدب والمحققين أمثال عبدالسلام هارون ومحمود الطناحي ويحيى حقي وغيرهم .

لاجرم أننا حين نطالع سيرة الدكتور عبدالقدوس أبو صالح في الدرس والتحصيل وطلب العلم ومسيرته العملية والإبداعية معلما وأستاذا وقاعلا في الحركة العلمية والثقافية ومشاركا في تأسيس رابطة الأدب الإسلامي نائبا للرئيس ورئيسا لها ورئيسا لتحرير مجلتها ومجاهدا لنصرة أدبياتها بالتأليف والتدريس والقيام على مؤتمراتها وملتقياتها ببرامج ثرَّة وفعاليات هادفة ، حين نطالع كل ذلك نجد أنفسنا أمام قامة سامقة من أعلام الأمة ممن عناهم أبو الطيب في قوله :

وإني لَمِنْ قومٍ كأن نفوسَنا   بها أَنَفٌ أن تسكن اللحمَ والعظمَا

وقوله :

لهُ همَمٌ لامنتهى لكبارها         وهمتُه الصغرى أجلُّ من الدهرِ

ولقد سعدت بلقائه والاستماع إليه محاضرًا وشاديًا بشعره في منتدى اثنينية النعيم في مدينة الهفوف بدعوة كريمة من أخي الأديب التربوي محمدبن صالح النعيم ، ولفتني في شعره العذوبة والرصانة وجمال التعبير والتصوير وأدائة بصوته الرخيم وإلقائه الرنام ، كما التقيته بمقر الرابطة في الرياض خلال دورة في فن الإلقاء لتلميذة الشاعر النابغة الدكتور عبدالرحمن العشماوي ، كما لقيته في مؤتمر أقامته الرابطة عن الطفولة ، وانعقدت فعالياته في مركز عبداللطيف البابطين في الرياض في حضور أعلام من الشعراء والأدباء والجامعيين من داخل المملكة ومن خارجها .

 ولقد استوقفني في أدبياته سلسة (كما عرفته) في افتتاحيات مجلة (الأدب الإسلامي) والذي عرَّفِ من خلالها القارئين والدارسين على أعلام ورواد الأدب الإسلامي وأعلامه من أمثال العلامة أبو الحسن الندوي والدكتور عبدالرحمن الباشا والعلامة الشيخ علي طنطاوي والقاص والروائي الدكتور نجيب الكيلاني والدكتور عبدالباسط بدر والشاعر العلامة الصاوي علي شعلان وغيرهم .

رحم الله الدكتور عبدالقدوس أبو صالح الذي كان مولده في حلب الشهباء في 28-07-1932م ،وكانت وفاته فجر يزم الثلاثاء 19 من شعبان 1443هـ الموافق 22 من مارس 2022م، وفيه يصدق قول الإمام علي بن أبي طالب في فضل العلم وأهل العلم في هذا النص المنسوب إليه :

الناسُ مِن جِهَةِ التِّمثالِ أَكفاءُ         

  أَبوهُمُ آدَمُ وَالأُمُّ حَوّاءُ 

نَفسٌ كَنَفسٍ وَأَرواحٌ مُشاكَلَةٌ    

   وَأَعظُمٌ خُلِقَت فيها وَأَعضاءُ

وَإِنَّما أُمَّهاتُ الناسِ أَوعِيَةٌ    

  مُستَودعاتٌ وَلِلأَحسابِ آباءُ

فَإِن يَكُن لَهُمُ مِن أَصلِهِم شَرَفٌ   

   يُفاخِرونَ بِهِ فَالطينُ وَالماءُ

ما الفَضلُ إِلا لِأَهلِ العِلمِ إِنَّهُمُ   

   عَلى الهُدى لِمَنِ اِستَهدى أَدِلّاءُ

وَقَدرُ كُلِّ امرِئٍ ما كان يُحسِنُهُ 

   وَلِلرِجالِ عَلى الأَفعالِ أَسماءُ

وَضِدُّ كُلِّ اِمرِئٍ ما كانَ يَجهَلُهُ 

   وَالجاهِلونَ لِأَهلِ العِلمِ أَعداءُ

وَإِن أَتَيتَ بِجودٍ مِن ذَوي نَسَبٍ     

     فَإِنَّ نِسبَتَنا جودٌ وَعَلياءُ

 فَفُز بِعِلمٍ وَلا تَطلُب بِهِ بَدَلاً      

  فَالناسُ مَوتى وَأهلُ العِلمِ أَحياءُ

 

تعليقات القراء
لاتوجد تعليقات على هذا المقال الى اﻷن

علق برجاء التدقيق اللغوي لما يكتب