العدد 126
يتناول المقال وصف السحب والغيوم والمطر في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي، وفيما يأتي بيان ما قاله الشاعر في ذلك:
أولاً: وصف السحب:
شال السحاب:
يبين الشاعر أن مدينة الرياض ترتدي (شال السحاب) في قصيدة (أغنية على شفة الرياض) فيقول:
هل سبَتْكَ الرياض حين تجلّتْ *** ترتدي في الصباح شال السحاب؟(1)
سحابة مذعورة:
يبين الشاعر أن شعره يصف أشياء كثيرة، فها هو يصف سحابة مذعورة تطارد فارسًا مذعورًا فيقول في قصيدة (فجر الأدب الأصيل):
إني رأيت سحابة مذعورة *** تجري ،تطارد فارسًا مذعورًا(2)
ويخاطب الشاعر التلال مبينا لها أنها لم تُخلق للثم السحاب فيقول في قصيدة (تلال الرمال):
أنتِ لم تُخلقي لِلَثْم نجومٍ *** وسحابٍ، ولا لشد الحبال(3)
لا لاستمطار السحب:
يطلب الشاعر من أميرة القلب ألا تستمطر السُحب التي في غيثها فيقول في قصيدة (سلي فؤادي):
أميرة القلب لا تستمطري سُحبًا = في غيثها ما يميت الزهر إن هطلا
لا يستوي من يبث اللحن مقتطعًا = من قلبه ويبث اللحن مفتعلا(4)
ثانياً: وصف الغيوم:
الغيوم تحيط بالبدر:
يبين الشاعر أن الغيوم تحيط بالبدر فيقول في قصيدة (هذا يراع الحب):
بدرٌ تحيط به الغيوم، ولم يزلْ *** يرنو إلى الدنيا بطرف الأرمد
إني لأعلن – رغم كل متاعبي *** ومواجعي- أنَّ السَّعادة في يدي(5)
غيوم الحب سابحة:
يقول الشاعر في قصيدة (مشاتل الألحان) مبينًا أن غيوم الحب سابحة، ويطلب من يخبرها بتلهف الأغصان لها:
هذي غيوم الحب سابحة فمن *** يفضي لها بتلهف الأغصان(6)
ويبين الشاعر في قصيدة (زوارق المستقبل) مخاطبًا محبوبته (أمته) أن ليل الشتاء الطويل سينجلي، وأن غيمة الحب سوف تهطل؛ حيث يقول:
لا تيأسي ،ليل الشتاء سينجلي *** والفجرُ سوف يزف صوت البلبل
ولسوف تهطل غيمة من حبِّنا *** لولا صفاءُ قلوبنا لم تهطل(7)
زوال غيوم التردد:
وها هو الشاعر يبين زوال غيوم تردده فيقول في قصيدة (هذا يراع الحب):
فوردْتُ في قلبي تلهف عاشق *** زالتْ به عني غيوم ترددي(8)
ركض الغيوم:
ينادي الشاعر الغيوم طالبا منها أن تركض في كل شبر في السماء ركض محب يتمنى سعادة الأحباب فيقول في قصيدة (أغنية على شفة الرياض):
ونداءٌ إلى الغيوم صريحٌ *** وحنينٌ مغلفٌ بالعتاب
اركضي يا غيوم في كل شبر *** من سمائي وأظهري كل خابي
تتراءين من بعيد خيالا *** فمتى تُسعديننا باقتراب
ومتى تَنْفُضين عنا وجومًا *** جعل النفس في أسى واضطراب
لقني الجدب درسَ خصبٍ وردِّي *** بسمة الروض بعد طول غياب
عكري صفو جونا، فجميلٌ *** أن نرى وجه أفقنا في اكتئاب
إلى أن يقول:
اركضي يا غيوم ركض محب *** يتمنى سعادة الأحباب
واجعلي بيننا وبينك جسرًا *** من وداد وديمة وضباب
ودعينا نشم رائحة الغيث *** إذا ما التقى بشوق التراب
نحن نهفو إلى ابتسامة ثغر *** وربانا تهفو لدمع السحاب(9)
الغيوم نبع العطاء:
تتحدث الغيوم في قصيدة (أغنية على شفة الرياض) فتبين أنها نبع العطاء
فيقول الشاعر في ذلك:
فأجابتني الغيوم بشوقٍ*** وعلى وجهها بقايا اكتئاب
أنا نبع العطاء، لكن أمري *** في يد الله خالق الأسباب
أنا للناس رحمةٌ، فإذا ما *** بطروا صرت مصدرًا للعذاب
أنا أهفو للعطاء، ولكن *** لا أُداجي من أجلكم وأحابي
إن سألتم فكم سؤالٍ تلاشى *** وهو يبدي تلهُّفًا للجواب
أو ما تعشقون حُسن عطائي *** فأزيلوا ما بيننا من حجاب
عندها أرتمي على الأرض عشقًا *** وأريكم سريرة الإخصاب
يحبس الله غَيْثه حين تَعْشى *** أعين الناس عن طريق الصواب(10)
ثالثًا: وصف المطر:
سحب الأفراح أمطرت:
يبين الشاعر في قصيدة (يا عازف الحرف) أن سحب الأفراح قد أمطرت وابتهجت رياض القلب، واسترخت يد الألم فيقول:
وأمطرت سحب الأفراح، وابتهجت *** رياض قلبك، واسترخت يد الألم
يا من يسافر قلبي في مدائنها *** فما يرى غير أمشاج من الرحم
إني وهبتك قلبًا فيه خارطة *** من الإباء عليها خاتم الهمم(11)
زمان المطر المنقطع:
ويقول في قصيدة (تمر الحنين) أن حنينه يثمر في زمان المطر المنقطع:
فستلقين حنيني مثمرًا *** في زمان المطر المنقطع(12)
الطلُّ يَهمي صَباحًا:
ويبين الشاعر في قصيدة (مرحبًا يا فجر) أن الطلُّ يَهمي صَباحًا عرقًا من جبهة الليل تصبَّب فيقول:
إنما الطلُّ الذي يَهمي صَباحًا *** عرقٌ من جبهة الليل تصبَّب(13)
العيون تمطر من البشرى:
يبين الشاعر أن العيون تمطر من البشرى فيقول في قصيدة (رسالة إلى الرياض) فيقول:
سلامٌ رياض الحب، جئتك حاملا *** همومي، وفي قلبي حنين وأشواق
مددت إليك الكفَّ خافقٌ *** فلله قلبٌ بالمحبة خفّاقُ
ركبت حصاني دون سرج، وما له *** لجامٌ، ومثلي في الميادين سباقُ
فلما وضعتُ الرّحلَ عندك أمطرتْ *** عيوني من البشرى وخانتني الساقُ
وألقيت نفسي بين كفيك صامتًا *** وفي مقلتي عن غير وجهك إطراقُ
سلامٌ رياض الحب ،صيفك باردٌ *** وجدبك في عيني غصون وأوراق(14)
أين الأحبة ؟.. لا غيمٌ ولا مطرٌ:
يتساءل الشاعر عن الأحبة الذين افتقدهم، وبافتقادهم افتقد الغيم والمطر فيقول في قصيدة (عندما يحزن العيد):
أين الأحبة؟.. لا غيمٌ ولا مطرٌ *** ولا رياضٌ ولا ظلٌّ وأغصانُ؟
أين الأحبة؟.. لا نجوى معطرةٌ *** بالذكريات، ولا شيحٌ وريحانُ؟
أين الأحبة؟ لا بدر يلوح لنا *** ولا نجوم بها الظلماء تزدان(15)
الغيث يهز ثيابه:
ويتحدث في قصيدة (شدا لك قلبي) عن الغيث الذي يهز ثيابه ويروي جنانه بماء الذكريات:
أتيتُك ظمآن الفؤاد فمدّ لي *** حنانُك كفّا حرةً وسقاني
وأحسست أن الغيث هزَّ ثيابه *** فأروى بماء الذكريات جناني(16)
الغيث لا يبخل:
يبين الشاعر في قصيدة (عندما يكون العتاب دليلا على الحب ) أن الناس أنواع فمنهم بخيل ومنهم كالغيث لا يبخل:
ولله في خلقه حكمةٌ *** فهذا فقيرٌ، وهذا مَلي
وهذا بخيلٌ على نفسه *** وذلك كالغيث لم يبخل
وهذا فؤاد بأحزانه *** ينوء، وذلك قلبٌ خلي(17)
واكف لم يهطل:
يبين الشاعر أن الأرض جدباء لم يهطل عليها واكف فيقول في قصيدة (أين غاب العازف):
هذي سمائي تحت جبة غيمها *** برقٌ يلوح لنا، ورعدٌ قاصفُ
لكن أرضي لم تزل في جدبها *** تشكو، ولم يهطل عليها واكفُ
يا ليلة ما لاح لي في ظلها *** إلا رؤى سودٌ وبدرٌ خاسفٌ(18)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (نقوش على واجهة القرن الخامس عشر)، قصيدة (أغنية على شفة الرياض)، ص62.
(2) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي )، قصيدة (فجر الأدب الأصيل)، ص71.
(3) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (تلال الرمال)، ص92.
(4) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (سلي فؤادي)، ص149.
(5) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (هذا يراع الحب)، ص153.
(6) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (مشاتل الألحان)، ص41.
(7) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (زوارق المستقبل)، ص19.
(8) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (هذا يراع الحب)، ص151.
(9) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (نقوش على واجهة القرن الخامس عشر)، قصيدة (أغنية على شفة الرياض)، ص63-65.
(10) عبد الرحمن العشماوي:ديوان (نقوش على واجهة القرن الخامس عشر)، قصيدة (أغنية على شفة الرياض)، ص65-66.
(11) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (يا عازف الحرف)، ص102.
(12) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (تمر الحنين)، ص11.
(13) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (مرحبًا يا فجر)، ص121.
(14) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي )، قصيدة (رسالة إلى الرياض)، ص141- 142.
(15) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي )، قصيدة (عندما يحزن العيد)، ص139.
(16) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (شدا لك قلبي)، ص111.
(17) عبد الرحمن العشماوي: ديوان (مراكب ذكرياتي)، قصيدة (عندما يكون العتاب دليلا على الحب )، ص 158.
(18) عبد الرحمن العشماوي:ديوان (مراكب ذكرياتي )، قصيدة (أين غاب العازف )، ص 168-169.