العدد 50
إلى حيث صرتم موكب الخلق صائرُ= وإن طال مكث أنت في الأرض زائرُ
ستمضي يقيناً من حياتك بعدما= ترى غيب ما قد سطَّرته المقادر
غريبٌ بدنيا الناس أنت إلى مدى= وإنك في هذا الطريق لعابر
تراءت لك الآيات نوراً لتهتدي= وجاءتك من رب العباد بصائر
(وما الناس إلا هالكٌ وابن هالكٍ)= وتبقى هنا للشاعرين مآثر
أيا شاعراً دونت للخلد أحرفاً= وها أنت من بعد العطاء تغادر
ولكن بما خطت يراعك في الورى= يقول لسان الدهر ما مات شاعر
***
أيا بلبل الإسلام غرَّدت باسمه= وأطربت الدنيا بفيك المشاعر
إذا قيل شعرٌ فالتهاميُّ في الذرا= له البيت نجمٌ والقصيدة طائر
يغني بأمجاد العروبة حالماً= بوحدتها إذ نحن قومٌ أكابر
وأشعاره غيثٌ إذا أجدبت رباً= تشعُّ مع الإلقاء والحرف عاطر
وللقدس كم صاغ المحبة عزةً= وحيَّا بها من للأباة يناصر
وكانت له نفسٌ عراقية الهوى= لبغدادَ في عمق الفؤاد أواصر
وفي كل شبرٍ فيه للعرب رايةٌ= علا صوته عشقاً فشيدت منائر
***
وكنت كطودٍ لم تلن منك عزمةٌ= ولم ترضَ أن يختال في الشعر ناثر
وكنا على وشك اعتدال أمورنا= وفي الغاب لا ترضى السلامَ الكواسر
وإن كان ربي قد أراد ابتلاءنا= فطوبى لمن في الساح حراً يصابر
هنيئاً لك الموت الذي هو راحةٌ= إذا سارت الأيام والحظ عاثر
فما قيمة الدنيا إذا كان نبضنا= يكبله في ساحة العيش جائر
(سلامٌ على الدنيا سلامٌ على الورى)= إذا كان للأشواك تعنو الأزاهر