العدد 50
رأت خديجة من أخلاقه عجباً |
وهي الغنيّة ذات الرأي والفهم |
فكاشفته هواها في تزوّجه |
فكان عرسهما من أبرك القسم |
إذ أصبحت خير عون عند بعثته |
لبثّ دعوته بالمال والخدم |
وهدّأت روعه إذ جاءها فزعاً |
من بدأة الوحي أن لا تخش من لمم |
فأنت أحملهم للكلّ، أعونهم |
على النّوائب، أحناهم على الرّحم |
أعظم بها امرأة أحيت أناملها |
(محمداً) منقذ الدّنيا من الغمم! |
كذاك لن ينهض الإسلام من ضعة |
حتّى نرى (غيده) ينهضن بالعلم! |
كيف النّهوض وشقّ من جوارحكم |
عضو أشلّ، وشقّ غير معتزم؟! |
يلقى الأنام ببشر غير مصطنع |
ولا يكّلم شخصاً غير مبتسم |
تعفو ذنوب الورى في حقّه كرماً |
ويقبل العذر من جان ومجترم |
حتّى إذا انتهكت لله حرمته |
رأيت غضبة ليث هيج في الأجم |
سفر الشّجاعة فصل من شجاعته |
إذا الجموع تلاقت والوطيس حمي! |
يبدو إذا وهت الأركان من جزع |
أقوى وأثبت أركاناً من الهرم! |
وربّما انفضّ عنه جيشه فيرى |
كأنّه وحده جيش من البهم! |
يعطي العفاة عطاء غير منقطع |
بلا حساب ولا منّ ولا برم |
ويستميل وفود العرب تقدم من |
شتّى النّواحي ببذل المال والنّعم |
يحنو على كلّ ذي بؤس ومتربة |
لا سيّما بؤساء الأيم واليتم |
يطوي اللّيالي جوعاً بعد ما جبيت |
له الغنائم من نجد ومن تهم |
ما عاب قطّ طعاماً قدّموه له |
وما نعى قطّ تقصيراً على الخدم |
إن شاء يأكله أو شاء يتركه |
أكان مؤتدماً أو غير مؤتدم |
وما تزوّج تسعاً كي يلذّ بها |
إذن لما اختار من يحبون للهرم |
لكنّه كان يرجو أن يتم به |
نشر الهداية في الأقوام باللّدم |
كما تزوّج من بعض ليكفلها |
ومن تفز برسول الله لم تئم! |
يكون في صحبه فرداً كأصغرهم |
شأناً ويمشي بلا صحب ولا حشم |
ويخصف النّعل، يرفو الثّوب، يأخذ في |
إعانة الأهل، يسعى في سرورهم |
لا تعجبوا.. إنّ (طه) لم يكن ملكاً |
بل مرسل جاء بالآيات والحكم |