النفحات الإيمانية في شعر محمد التهامي..
كتب  محمد عباس عرابي ▪ بتاريخ 13/08/2015 14:55 ▪ تعليقات (0) ▪ طباعة  أرسل لصديق  أرسل لصديق 

العدد 50

 

يعد الشاعر محمد التهامي شيخ شعراء الالتزام وفارس القصيدة العربية الأصيلة، بذل جهدا كبيرا في سبيل ترسيخ قيم الثقافة العربية الإسلامية العريقة والنبيلة، فهو الذي أبقى القصيدة العربية العمودية في قمة هرم الشعر، تتعدد أبعاد الرؤية الشعرية لديه وتنبئ عن شاعرية متدفقة، وتتنوع الرؤية الشعرية في تجربة التهامي بين رؤية سياسية ودينية واجتماعية ووجدان ، ففي ديوانيه " أنا مسلم  و"يا إلهي"  وظف شعره في الدعوة إلي الله ونشر دينه، والالتزام بخلق المسلم، فكانت أشعاره تسابيح إيمانية تعكس منهجه البياني الفريد المتأثر ببلاغة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهو في لحظات التجلي والصدق يدعو الله عز وجل في محبة ويقين، وبلاغة وحكمة وإمتاع وإقناع :


يا ذا الجلال وكل خلقك كلمة           الكاف كل حروفها والنون

أرسلت خير الخلق في فمه الهدى      للعالمين مفصل ومبين

الحرف والكلم المعظم معجز           ومن الجلال تفرد المضمون

 أن ليس للإنسان إلا ما سعى           سعيا فكل حسابه موزون

 فطريق من  ضلوا طريق شمالهم    والمهتدون لهم لديك يمين(1


ويقول التهامي في أضواء الهجرة :

أيها السائلُ عنّا: من نكون            نحن جند الله  نحن المسلمون

 أهلُنا قد اْنبتوا الحَقِّ لَنَا               فَوضعنا ومضَةَ الحَقِّ المبين   

أخرجوا الفجر من اللّيل لنا           فَورِثنا الَفجر وضاء الجبين

علَّمونا كيف صانوا حقَّه              وحموه من تَصدي الجاهلين

كيف ماتُوا في صراعٍ دوَنه           ليعيش الحقُّ في حصنٍ حصين؟(2)


 وفي قصيدته "في نور الصيام" يقول:


الصَّوم للحيْرانِ طَوقُ نَجاة                 وطريقُةُ الهَادي إلي الجنَّات

وعليه معْراج اليقينِ إلى الهدى             يمَتد فَو ق مهالِك الشَّهوات

ويطهر الإِنسان حتَّى إنَّه                   روح يكاد يضيء في الظُّلُمات

فيه الحياةُ تراجعَتْ أدرانُها                 وتَطهرت من حمأة النَّزوات

وغدت كَدارِ الخُلد طَيب ريحها            نَفس الملائِك طاف بالرحمات(3)


وأنشد، يقول في قصيدة " دعائي في ليلة القدر:


بكل الشوق في قلبي          طرقت الباب يا ربي

وفي شفتي ضرعات         لقلب ذاب في جنبي

 دعاء في تألقه                ضياء غير ذي لهب

 يسيل الطهر في دمعي      ليغسل صدقه ذنبي

 وحسبي أنك الرحما         ن في رضوانه حسبي

تجيب ضراعة المحتا        ج عند الموقف الصعب

وتهدي خطوة الحيرا          ن إن ضلت على الدرب

طلبت رضاك يا رحما         ن واسترحمت في طلبي

قصدتك يا حمى روحي       ويا غوثي من الكرب 

ويا حصني من الأيام          والأيام تعصف بي

 ويا عوني من الإنسان        والإنسان يغدر بي

ويلبس ثوب إنسان             ليخفي صورة الذئب

 سألت الله أن ترتا            ح دنيانا من اللهب

وأن يرتاح صدق النا         س  من دوامة الكذب (4)


وختاما نقول: إن القصيدة الدينية موجودة في العصر الحالي أكثر من أي عصر مضى، موجودة في الوسط الشعري العربي المعاصر بكثرة وغزارة، وتمتلك قدرا كبيرا من الصدق والعمق والمستوى الفني الرفيع، لكن القصيدة غائبة على مستوي الإعلام العربي الذي يقاطع القصيدة الدينية تقريباً، فحقيقة التعامل مع القصيدة الدينية أصبح يتم على مستوى المناسبات فقط، لكن التهامي يذكرنا بهذه القصائد الإيمانية التي رسخَتْ في وجدان كل مسلم نقي الروح، ومن ذلك قوله معبراً عن روح إيمانية نقية، تجعله يسمو من سيطرة الهوى، ليغرس السناء، ويرفع عن النواظر الغطاء:


هو الإِنسان.. بالإِيمان يسمو          ويملأ حوَله الدْنيا بهاء

تُسيطر روحه وَترد عنه              لدى إنسانه طيناً وماء

هو الإِنسان ..ما نَبغيه حقّاً            يرد لنا.. لعالمنا النَّقاء

يرد جهامة الأحدْاث عنّا              ويغرس في غياهبها السَناء

ويردع ما تَسوقُ لنا الليالي           ويرفع عن نَواظرنا الغطاء(5)



(1) محمد التهامي : يا إلهي ، ص 29

(2) محمد التهامي : أنا مسلم ، ص 2

(3) محمد التهامي:  يا إلهي ، ص19

(4) محمد التهامي:  يا إلهي ، ص7

(5) محمد التهامي : يا إلهي ، ص15

 

تعليقات القراء
لاتوجد تعليقات على هذا المقال الى اﻷن

علق برجاء التدقيق اللغوي لما يكتب