العدد 46
وعدت إليكِ جوادا يئنُّ على وقع خطْواته المتعَبَهْ
تمر المدائن إثر المدائـ ـن أذكر فيها الرؤى الطَّيِّبَهْ
وتنساب عبر العيون وجوهٌ فمن زان ظهري ومن ألهبَهْ
وأذكر حيث ابتداء المسيرِ من الشام حتى رُبَى قرطبَهْ
وأمعن أسأل عن ساحةٍ قطفنا لديها المنى المذْهَبَهْ
بها بصمة في جدار الزمان يزاحم منكبها منكبهْ
بها صيحة في ضمير الفضاء أعادت لمشرقه مغربهْ
يطول به الدرب دون انتهاء ودرب التراجع ما أصعبه !
فأشعر أن برأسي دُوارا ويرتد سؤلي بلا أجوبهْ
أيوماً يؤوب إلى دربه جوى ترنح من دربه؟!
يطول به الدرب دون انتهاء ودرب التراجع ما أصعبه !
***
كئيب هو الدرب حين أعودُ فمن غيَّر الدرب من نكَّبَهْ!؟
دهورا وأنتِ تتيهين فخراً تغنين مجدا رأى مأربهْ
ومن تاج عزك راح الزمان ينازع نجم السما مركبهْ
وزيتونة في عيون النهار تسبِّح باسم الذي أنجبهْ
فمن نازع الشمس أجواءها ونورَ الكواكب من غيَبهْ؟!
وزهرُ البساتين كيف اعتلاه خريف أحال الندى مندبهْ؟!
وصوت المآذن ما عاد يسري يلملم حزن القرى المجدِبَهْ
وموردك العذب يشكو ابتعاداً ويا سوء ما فيه من أشربهْ!
***
أعود وما عدت أملك إلا حنيناً من النار ما أغضبهْ !
لسيف من النور لما يزل يتوق إلى من جلا مضربهْ
فهل تقبلين الرجوع إليك جواداً أغال الردى مطلبهْ؟!
على وجنتيه الحياة هدىً ترقاه مرتبة مرتبةْ
وفي مقلتيه هلال توضَّا وضوَّى سناه بلا أحجبةْ
وهل تنفضين التكاسل عنه فتبرقَ في عينه الموهبهْ؟!
وهل تسكبين عليه مياهاً من العز؟! والعز ما أطيبهْ !
***